هل ورد أن "أبا صالح" كنيةٌ للمهدي عج؟


سأل أحد المؤمنين: هل ورد لقب (أبو صالح ) بحقّ صاحب العصر والزمان في الروايات؟ أم هو من صنع علمائنا القريبين من غيبة ولي الأمر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء؟

والجواب على ذلك:
☆ لم يرد في روايةٍ عن معصومٍ أنّ الإمام المهدي عليه السلام يكنّى أبا صالح. نعم، ذكر الميرزا النوري في (الشهاب الثاقب) نقلاً عن كتاب (ذخيرة الألباب) للميرزا محمد النيشابوري: أنّ المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يكنّى بأبي القاسم وأبي صالح، وهذه الكنية معروفة عند العرب وأهل البوادي، وكثيراً ما يستعملون هذه الكنية في التوسلات والاستغاثات، وقد ذكرها الشعراء والأدباء في أشعارهم ومدائحهم. وذكر بعض المحققين أنّ هذه الكنية لم يكن لها رواج حتّى القرن الحادي عشر للهجرة.

⊙ هذا، وقد وجّه العلماء هذه الكنية للمولى صاحب العصر والزمان عليه السلام - مع عدم ورودها صراحة في الأخبار - بتوجيهات:

¤ الأول: التمسّك بما رواه أحمد بن خالد البرقي في كتاب المحاسن بسنده عن أبي بصير عن الصادق  عليه السلام حيث قال : «إذا ضللتَ في الطريق فناد يا صالح ويا با صالح، أرشدونا إلى الطريق رحمكم الله»، وفي من لا يحضره الفقيه: «إذا ضَلَلتَ عَنِ الطَّريقِ فَنادِ: يا صالِحُ - أو يا أبا صالِحٍ - أرشِدونا إلَى الطَّريقِ يَرحَمْكُمُ الله». وكما هو واضح، لم يذكر في هذا الخبر أنّ (أبا صالح) كنية له عليه السلام، ولكن البعض استأنس لذلك بما ذكره السيد بن طاووس في أمان الاخطار بعد نقل هذا الخبر : «أنّ البرقي نقل عن أبيه محمد بن خالد أنّه كان في سفر فضلّ عن الطريق فنادينا بهذا النداء فسمعنا نداء ضعيفاً يقول: خذوا الطريق الأيمن، فذهبنا من الطريق الأيمن ووصلنا». ولكنّ السيّد ابن طاووس في الكتاب نفسه يذكر أنّ صالحاً اسمٌ لجنّيٍّ وظيفته إرشاد الضال في الطريق، وعليه فالقصّة التي أوردها عن والد البرقي لا تصلح شاهداً. ولكن لا يمنع ذلك أنّ كنيته عليه السلام برزت من تطبيق بعض الشيعة لخبر مَنْ ضلّ الطريق عليه؛ لمّا عُرِف عنه إرشاده للضال.

¤ الثاني: أنّه عليه السلام لُقّب في الروايات بالخلف الصالح، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: "الخلف الصالح من ولدي، وهو المهدي، اسمه محمد، وكنيته أبو القاسم". فهو خليفة الصلحاء من الأنبياء والأوصياء عليهم السلام، فصحّ أنْ يقال له: (أبو صالح)، وعلى هذا التوجيه تكون (أبو صالح) لقباً لا كنية؛ لأنّ معنى الأبوة للصلاح أنّه صاحب الصلاح وأصله.

¤ الثالث: هناك قصّة ينقلها العلامة المجلسي في البحار لبعض مَنْ تشرّف باللقاء، جاء فيها التصريح بهذه الكنية؛ حيث ينقل عن شخص اسمه: أمير إسحاق الاسترابادي أنّه ضلّ الطريق، فنادى: (يا صالح! يا أبا صالح! ارشدوني إلى الطريق)، فجاء شخصه ساعده، فوصل إلى مكة سريعا. وقد فهم من هذه القصة أنّه الحجة الموعود صلوات الله عليه.

⊙ والنتيجة النهائية: أنّ إسناد هذه اللقب إلى المولى صاحب العصر والزمان عليه السلام لم يثبت بدليل معتبر، ولكن لا مانع بالاستغاثة به بهذه الكنية على معنى أنّه صاحب الصلاح وأصله وما شابه ذلك من المعاني التي لا مانع شرعي من قصدها.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"... أعيادكم كأيامكم" أورد عن الأمير (ع)؟

معنى قوله (ع): كونوا أحرار