المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٧

الحسين ثأر الله

صورة
روي عن الصادق (عليه السلام) في كيفية زيارة الحسين (عليه السلام): "ثم امشِ إليه حتى تأتيه من قِبَل وجهه، فاستقبل وجهك بوجهه وتجعل القبلة بين كتفيك، ثم قل: السلام عليك يا حجة الله وابن حجته، السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله، السلام عليك يا ثار الله وابن ثار" ( 1 ) . من الكلمات التي تستوقف قارئ الزيارات المعصومية للإمام الحسين (عليه السلام) كلمة (ثار الله)، وهي تحمل مفهومًا "يفتح علينا آفاقًا واسعةً للتفكير والتأمُّل، ويطرح علينا مسائل من صلب الرسالة والعمل والحركة والجهاد، وهي مسائل بالغة الحساسية  والأهمية مما تواجهها أمتنا اليوم؛ ولذلك فسوف نتوقف قليلاً عند هذه الكلمة، لنتأمّل معطياتها وإيحاءاتها" ( 2 ) . أولاً: البحث للغوي والتاريخي كلمة (ثار الله) مخففة الهمزة؛ وذلك بتبديل همزتها حرف مدٍّ من جنس حركة ما قبلها، فأصلها (ثأر الله)، قال المجلسي (رحمه الله): "ثم اعلم إنا لم تجد ( 3 ) في كتب الزيارات والأدعية إلا غير مهموز" ( 4 ) ، والثأر بالهمزة: الدم وطلبه، قال ابن فارس: "وهو الذَّحْل المطلوب" ( 5 ) . ولهذه الكلمة جذور تاريخية ع

الدمعة الساكبة لا الدمعة الواعية

صورة
البكاء تعبير عن حالة عاطفية، والعاطفة لا تخضع في تجليها ومظهرها إلى حالات العقل كما في سائر الأفعال المقصودة؛ فالحزن حالة اندفاع  للتعبير عن شعور باطني يكتسح النفس مُظهرًا كل ما فيها. والشعور العاطفي هو وليد اللحظة والسليقة وليس ثمرة التخطيط والسيطرة. إنك لا ترى مكلومًا يختار قضية نواحه، ولا ترى حزينًا يخزن حزنه لقضية ينتظر استحقاقها، ولا ترى مفجوعًا يختار هيئة تفجعه، ولا ترى دمعة تختار توقيتها ومحركها .. فالحزن وتجليه لا يحتاج إلى تبرير. إن أفعال الحزن والجزع والتفجع ليست خاضعة للحسابات المنطقية ولا هي واقعة تحت مظلة التأمل العقلائي إنما هي حالات وأطوار تتشكل بحجم انفجارها في النفس فتظهر على الجوارح بقدر طاقة انفجارها. دعوات الدمعة الواعية، والحزن الهادف وأمثالها من دعوات تدعو إلى إخراج الحزن من حالته وتحويله إلى مشهد تمثيلي يوظف حالات النفس لأجل قضايا سياسية أو اجتماعية هو سلب لهذا التفجع والجزع، وتحويل الحزن من حالته العاطفية المعبرة عن واقع الحال إلى رياء يستورد مظاهر الحزن دون الحزن ذاته ليستغلها في التسويق لمشاريعه أيًا كانت هذه المشاريع: سياسية أو اجتماعية أو نفوذ

عاشوراء الحسين (ع) باب التوبة ومراجعة النفس

صورة
🔶 المقدمة : قال تعالى : ﴿قُل لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُربى﴾. [١] عظم الله أجورنا وأجوركم في ذكرى استشهاد الإمام الحسين ع ذلك السبط الذي فرض الله طاعته و أوجب مودته و أمر باتباعه، هذا شهر الحزن و هذه أيام المصيبة العظيمة و الملحمة الخالدة التي سطرها الأبطال الشجعان و الفقهاء  الأصحاب و الأطفال و النساء بقيادة سيد شباب أهل الجنة لتكون منارة للفاتحين و منهجا للمصلحين في وجه الظلم و الطغيان و البغي و العدوان يتقرب فيها المؤمنون إلى الله بالصرخات و الضجيج و الدموع و العجيج يحيون أمرهم و يقيمون شعائرهم بقلوب مفجوعة و صدور ملطومة رافعين العزاء إلى بقية الله في أرضه و خليفته في خلقه الموعود بالنصر و التسديد و العون و التأييد و إلى رسول الله ص الذي ما رعت الأمة وصيته و لا حفظت قرابته و لا وصلت رحمه. يقول الشاعر : أوصى الإله بوصل عترة أحمد فكأنما أوصى بها أن تقطعا. [٢] 🔶 أهل البيت ع ... طريق الخلاص قال تعالى :  ﴿وَلَو أَنَّهُم إِذ ظَلَموا أَنفُسَهُم جاءوكَ فَاستَغفَرُوا اللَّهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوّابًا رَح

أهل الكوفة وعلاقتهم بقتل الحسين (ع) [4/4]

صورة
| الأمر الخامس: ذم أهل الكوفة ومدحهم في الروايات [ذمّ أهل الكوفة] وأما صفات أهل الكوفة بشكلٍ عام، فنقتصر على ذكر صفتَين من صفاتهم الذميمة التي وُصِفوا بها تلك الفترة: 1. الخذلان والمَيل إلى الراحة قول عليٍ (عليه السلام) مخاطبًا أهل الكوفة من المتخاذلين عن نصرته: (فيا عجبًا والله يميتُ القلب ويجلب الهمَّ من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرُّقكم عن حقِّكم، فقبحًا لكم وترحا، حين صرتم غرضًا يُرمى، يُغار عليكم ولا تُغيرون، وتُغزَون ولا تَغزون، ويُعصى الله وترضَون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم هذه حمارة القيظ أمهلنا يسبخ عنّا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القر أمهلنا ينسلخ عنّا البرد، كلّ هذا فرارًا من الحرّ والقر، فإذا كنتم من الحر والقر تفرّون، فإذًا أنتم والله من السيف أفرُّ، يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال وعقول ربّات الحجال، لوَدَدتُ أنّي لم أركم ولم أعرفكم، معرفةٌ والله جرَّت ندمًا وأعقبت سدمًا، قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحًا، وشحنتم صدري غيظًا، وجرَّعتموني نغب التهمام أنفاسًا، وأفسدتُم على رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد ق

أهل الكوفة وعلاقتهم بقتل الحسين (ع) [4/3]

صورة
| الأمر الرابع: من هم الذين شاركوا في قتال الحسين (عليه السلام)؟ من أهم المغالطات التي يركّز عليها أعداء أهل البيت (عليهم السلام) ويُشَنِّعون بها على مذهب التشيُّع هو أنَّ أهل الكوفة (الشيعة) هم أنفسهم مَن قتل الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء!! وهذه من المغالطات الفاضحة التي يتستّر بها الحاقدون للنيل من أهل البيت (عليهم السلام) قبل النيل من شيعتهم المخلصين لهم؛ فإنهم يريدون أن يقولوا بأنه إذا ثبت أنّ الشيعة هم من قتل الإمام (عليه السلام)، فهو دليلٌ قاطعٌ على بطلان مذهبهم، وهذا أحد الأهداف الرئيسة من هذه المغالطة، بالإضافة إلى تبرئة ساحة يزيد –المحسوب على السنة ولو نظريًا(1)- من جريمة فاجعة كربلاء. ومِمَّا مرَّ من شواهد على أن الكوفة كانوا على مذاهبَ متعدِّدة وأنَّ من بينهم أهل السنة والجماعة، يتبيَّن –على أقل التقادير، ومع التنزُّل- أنَّ الذين شاركوا في قتل الإمام الشهيد (عليه السلام) هم كلّ الطوائف. ثمّ إنه يمكن دفع هذه المغالطة بذكر أمور عدة: أولاً: معنى التشيُّع هو الاعتقاد بإمامة أهل البيت (عليهم السلام) ووجوب طاعتهم طاعةً مطلقة، وأنَّ محاربتهم واستحلال دمائهم

أهل الكوفة وعلاقتهم بقتل الحسين (ع) [4/2]

صورة
| الأمر الثالث: ما هي مذاهب أهل الكوفة؟ أهل الكوفة لم يكونوا أبدًا على رأيٍ واحدٍ، ولا على مذهبٍ واحد ولوقتٍ طويلٍ، بل أهواؤهم مختلفةٌ، ومذاهبهم متعدِّدة منذ زمن الأمير (عليه السلام) وإلى ما بعد مقتل الإمام الحسين (عليه السلام). ومن الأمور التي يجب أن تكون واضحةً أنَّ أهل الكوفةِ حتى زمن خلافة الأمير (عليه السلام) لم يكونوا كلهم شيعة، ولا حتى أكثرهم، وبعضهم كان بالمدينة وغيرها وجاء مع الأمير (عليه السلام) عند حربه أهل الجمل، ومن الممكن تقسيم مذاهب أهل الكوفة إلى ثلاثة مذاهب رئيسية: المذهب الأول: مذهب الخوارج ورأس هذا المذهب ومنبعه هو أحد الصحابة، اسمه حرقوص بن زهير، ويُسَمَّى ذو الخويصرة، وذكر ذلك مجموعةٌ من المؤرّخين، فذكر العيني في عمدة القاري من حديث أبي سعيد، قال: "بينما نحن عند رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وهو يُقَسِّم إذا أتاه ذو الخويصرة، رجلٌ من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل... الحديث، قوله: فقال له: ... شقيت إن لم أعدل... وقال الذهبي: ذو الخويصرة القائل، فقال: يا رسول الله اعدل، يُقال هو حرقوص بن زهير، رأس الخوارج، قُتِلَ في الخوارج يوم النهر"(1

أهل الكوفة وعلاقتهم بقتل الحسين (ع) [4/1]

صورة
إن مسألة حال أهل الكوفة وما ورد فيهم من الذمة على لسان مجموعةٍ من المعصومين (عليهم السلام) كالأمير (عليه السلام) اغتنمها كثيرٌ من الحاقدين على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وصوَّروا أنَّ الذمّ الموجود متوجّه لأهل الكوفة لأنهم شيعةٌ وأتباعٌ لأهل البيت (عليهم السلام)، وأنَّ هؤلاء الشيعة هم الذين خذلوا أمير المؤمنين والحسن المجتبى (عليهما السلام)، وهم الذين قتلوا إمامهم الحسين (عليه السلام)!!؟ وهذه اسطوانةٌ تَتَرَدَّدُ كلَّ عامٍ خصوصًا في أجواء شهر محرم؛ حيث يحيي المحبّون لأهل البيت (عليهم السلام) ذكرى مقتل الإمام الحسين (عليه السلام)، وهذا ما يغيض الحاقدين والموتورين؛ حيث يستفزّهم هذا الارتباط العميق بين الشيعة وبين إمامهم الحسين (عليه السلام)، وما يؤثِّره إحياء هذه المناسبة من فضح مشروع ساداتهم الأمويّين من أمثال يزيد وأبيه معاوية. ونريد في هذه المقالة أن نبحث عن تاريخ مدينة الكوفة بشكلٍ مختصر، وعن مذاهب أهلها، ومَن الذي شارك في قتال الحسين (عليه السلام)، والكلام في عدة أمور: | الأمر الأول: مكانة الكوفة وقدسيّتها لا يوجد تلازم بين أهل منطقةٍ معيَّنةٍ وبين نفس الأرض التي يع