المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠١٧

سخرية من حديث السفرجلة

صورة
طُرح سؤال: بعضُ مَنْ يُحسب على المثقّفين يتناول روايةً عن السفرجل، بأنّه: (يزيل همّ الحزين كما تُزيل اليد عرق الجبين)، وألّف عليها قصّةً هزليةً، فيها الكثير من الاستهزاء بشأنِ الدين، خلاصتها: أنّه كان في أوّل وعيه يقرأ كتباً دينية، وكان يصدّق ما يقرأه كأكثر أغبياء هذا الزمن. فقرأ رواية السفرجل المتقدّمة، وكاد أنْ يموت بغصّته بدل أنْ يزيل الهمّ عن قلبه. كيف يمكن لنا أنْ نتعامل مع هذا الكلام؟ وهل رواية السفرجل هذه صحيحة؟ والجواب: القسم الأول: ☆ بدايةً، وقبل الحديث عن أخبار السفرجل وما شابهها من أخبار تتحدّث عن خصائص الخضار والفواكه. ينبغي أنْ يحسم كلّ واحدٍ منّا أربعة مطالب قبل أنْ يتعاطى مع هكذا نوعٍ من الأحاديث: ¤ الأول: لا يشكّ أحدٌ مِمّن له أدنى فهم أنّ للفواكه والخضار والأعشاب خصائص لو استفيد منها بطريقةٍ مناسبةٍ لأثمرت تلك الخصائص نفعاً لبني البشر، وعلم الطبّ قديماً وحديثاً قائمٌ على دراسة تلك الخصائص والمنافع. ولا ينحصر تأثير هذه الخصائص والمنافع على جسد الإنسان، بل للروح والانفعالات النفسيّة حظٌ من ذلك. وكمثالٍ على ذلك ثبت في طبّ الأعشاء الحديث أنّ نبتة

تعظيم الرّسول صلوات الله عليه

صورة
تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أوامر القرآن الكريم للمسلمين في أكثر من مورد، فقال تعالى « لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ » [١] ، وقد ذكر المفسرون: إنّ الهاء - أي الضمير في « وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ » - عائدٌ على الرّسول صلوات الله عليه وآله، كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي [٢]، والطبرسي [٣] . بل القرآن أمرنا أن نوقّر الرّسول صلوات الله عليه وآله إذا ناديناه، فلا نقول له: يا محمّد، أو يا أبا القاسم ، لكن نقول: يا نبيَّ الله، ويا رسول الله[٤] ،  فقال تعالى: «  لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا » [٥] ، وقد رُوي: إنّ السيّدة الزّهراء صلوات الله عليها عندما نزلت هذه الآية، قالت : هبت رسول الله أن أقول له : يا أبه ، فكنت أقول : يارسول الله.. [٦] . وقال ابن شهر آشوب: « من جلالة قدره -أي الرّسول - أنّ الله...نهى الخلقَ ان يدعوه باسمه ( لَّا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا )، وإنّما كان ينبغي أن يدعو له : يا أيّها الرّسول ، يا أيّها النبيّ ، ولم يأذن بالجهر عليه

مصائب خاتم الأنبياء

صورة
شاءت الحكمة الإلهيّة أنّ تكون الدّنيا دار بلاء وامتحان، وكلّما ارتفع مقام الإنسان اشتدّ بلاؤه، وكلّما قلّ إيمانه خفّ بلاؤه.. روى الشّيخ الكلينيّ بسند صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: ذُكر عند أبي عبد الله (عليه السلام) البلاءَ وما يخصّ الله (عزّ وجلّ) به المؤمن، فقال: سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مَن أشدّ النّاس بلاء في الدّنيا؟ فقال: « النبيّون، ثمّ الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله، فمَن صحّ إيمانه وحسن عمله اشتدّ بلاؤه، ومَن سخف إيمانه وضعف عمله قلّ بلاؤه »[١]. وقد ورد في معناه الأخبار المستفيضة، فإنّ عظم البلاء والامتحان على عظم المنزلة والمقام. إذا عرفتَ هذا، فاعلم أنّه مما لا شكّ فيه أنّ خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) هو أفضل الخليقة على الإطلاق، فلا مخلوق يضاهيه في الفضل والكمال والقرب من الساحة الرّبوبيّة. بل ضلّت العقول وحارت الألباب وتاهت الأوهام وتصاغرت العظماء عن معرفته حقّ معرفته، وعجزت الأدباء وعييت البلغاء عن وصف شؤونه. وأقرّت الخليقة بأسرها بالعجز والقصور عن الإحاطة به. وقد رُوي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه قال:

استئذان النبيِّ (ص) لقبض روحه

صورة
هل حقَّاً تُوجد لدينا رواياتٌ عن أهلِ البيت (ع) تدلُّ على أنَّ اللهَ تعالى قد خيَّر نبيَّه الكريم (ص) بين قَبضِ روحِه الطاهرة وبين البقاءِ إلى أمد، وأنَّه (ص) استُئذنَ قبل قَبضِ روحِه فلمَّا أذِنَ قَبضَ ملَكُ الموتِ روحَه الطاهرة (ص)؟ والجواب: نعم ورد ذلك في الروايات الواردة عن أهل البيت (ع): - منها: ما ورد في كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق بسندٍ موثَّق إلى أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال: "لمَّا حضرتْ النبيَّ (ص) الوفاةُ نزلَ جبرئيلُ (ع) فقال: يا رسولَ الله هل لك في الرجوعِ إلى الدنيا؟ فقال: لا، قد بلَّغتُ رسالاتِ ربِّى، فأعادها عليه، فقال: لا، بل الرفيق الاعلى.."(1). - ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق في الأمالي بسنده عن عبد الله بن ميمون المكي، قال: حدَّثنا جعفر بن محمَّدٍ، عن أبيه، عن عليِّ بن الحسين (ع)، أنَّه دخل عليه رجلانِ من قريش، فقال: ألا أُحدِّثكما عن رسولِ الله (ص)؟ فقالا: بلى، حدِّثْنا عن أبي القاسم. قال: سمعتُ أبي (ع) يقول: لمَّا كان قبل وفاة رسولِ الله (ص) بثلاثةِ أيام هبط عليه جبرئيلُ، فقال: يا أحمد، إنَّ اللهَ أرسلني إليك إكراماً وتفضيلاً لك وخاص

إن كُنتَ تقيًّا

صورة
بسم الله الرحمن الرحيم، { قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا }(1)، الخطاب من السيدة مريم (ع) إلى جبرئيل (ع) الذي تمثّل لها في صورةٍ بشريّة، والسؤال هنا: ما معنى { إِنْ كُنتَ تَقِيًّا }؟ هناك ثلاثة آراء في هذه المسألة: الرأي الأول: وهو الرأي المشهور والأوفق بالسياق، قالت بشجاعةٍ ورباطة جأش في هذا الموقف الصعب، وتوجّهت إلى ذلك البشر قائلةً: إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت من أهل التقوى، مطيعًا لله، تخاف عقوبة الله، متجنبًا لما يُغضبه، فإني عائذةٌ بالله منك فاتّعظ بتعوّذي، وخوّفته من الله؛ لأنها لا تملك وسيلة لردعه في مقامها هذا سوى التخويف من الله، وإلا فهي مستجيرةٌ بالله متوكلةٌ عليه، سواء أ كان الذي خافته تقيًا أم شقيا، التقي ينتفض وجدانه عند ذكر الرحمن، ويرجع عن نزعة الشيطان، وقد كانت ملامح التقى ظاهرةً على الملاك، وقد لمحت مريم (ع) مظاهره التقوائية؛ فالمؤمن ينظر بنور الله، وهذا من قبيل الاشتراط بوصفٍ يدَّعيه المخاطب لنفسه أو هو محّقٌ فيه ليفيد إطلاق الحكم المشروط، والتقوى وصفٌ جميلٌ يشقُّ على الإنسان أن ينفيه عن نفسه ويعترف بفقده، فيكون المعنى: إ

ابن قولويه وزيارة الأربعين

صورة
سأل أحد المؤمنين: كتب شخصٌ يُدعى "ميثاق" مقالاً أرفقت لكم نصَّه، ومفاده: أن ابن قولويه حرص على أن يذكر كل شاردةٍ وواردةٍ ترتبط بزيارة الحسين (عليه السلام) حتى مما يمثّل "غلوًا" و"أساطيرًا" -على حد تعبيره-، إلا أنه لم يذكر أي روايةٍ ترتبط بزيارة الأربعين، فهل لم يلحظ السائرين في وقته للحسين (عليه السلام) هذا اليوم لعدم وجودهم -كما يدّعي-؟ وادَّعى أن زيارته (عليه السلام) في الأربعين دعوى لا تستند إلا على ما عبّر عنه بـ"قصة التسامح في أدلة السنن"، وهي غير ثابتةٍ -كما يقول- عند مشهور الفقهاء المعاصرين. فما مدى سلامة ما احتواه هذا المقال من دعاوٍ وتساؤلات؟ والجواب:  هذا المقال به مجموعة مشاكل؛ وهو يكشف عن انعدام اللياقة العلمية لدى راقمه! [١] لم يزعم ابن قولويه أنه: "حرص على ذكر كل شاردة وواردة ترتبط بفضل زيارة الحسين - عليه السلام -" .. ولا زعم ذلك له أحد من العلماء. بل بالعكس تماماً؛ هو نفسه نفى ذلك في مقدمة كتابه كامل الزيارات: ص٣٧، فقال: «وقد علمنا؛ أنا لا نُحيط بجميع ما رُوي عنهم - عليهم السلام - في هذا المعنى، ولا في غيره

لا إله إلا الله حصني

صورة
ورد عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) عن جبرئيل (عليه السلام): ( سمعت الله (عزَّ وجل) يقول: لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي )(1)، و هنا عدة نقاط: النقطة الأولى: المقصود بالكلمة هنا هي كلمة التوحيد التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، والكلمة لا بما هي لفظ "لا إله إلا الله"، بل بما هي حقيقة المعرفة التوحيدية المنزهة عن التعطيل والتشبيه. النقطة الثانية: إنما ينجو من مكائد الدنيا وحبائل الشيطان من تحصن بحصن التوحيد، واحترز به عن الشرك بالله تعالى عن عبادة غيره من الأوثان والشيطان وهوى النفس المؤدي إلى الخذلان والخسران. النقطة الثالثة: الإمامة هي المفتاح الأوحد لبوابة حصن التوحيد الذي هو حصن العلم والحكمة المتمثل بالذات المحمدية المقدسة، ولا سبيل إلى مدينة العلم وحصن التوحيد إلا بمفتاح الولاية، وإليه الإشارة بقول الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها)(2)، فمدينة العلم المحمدية هي حصن التوحيد، وهي كلمة لا إله إلا الله، وعلي (عليه السلام) ومن هم في مقامه من الولاية و الإم

"ماعُبِدَ الله بأَفْضَلَ من المشي"؟

صورة
طُرح سؤال:  جاء في كتاب التهذيب: محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، وفضالة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "مَا عُبِدَ اللهُ بِشَيْءٍ أَشَدَّ مِنَ المَشْيِ وَلَا أَفْضَلَ". ما معنى هذه الرواية؟ والجواب: ☆ هذه الرواية وردت في الكتب الحديثية في الأبواب التي تتكلّم عن استحباب اختيار المشي في الحجّ، وترجيحه على الركوب، وهي صحيحة السند. ومن الواضحات عند الفقهاء أنّ هذه الصحيحة لا ترغّب في المشي بما هو مشي، وأنْ ليس المراد منها أنّ (رياضة المشي) بما هي أفضل ما يُعبد به الله تبارك وتعالى. وإنّما المراد منها أنّ العبادة التي تحتاج إلى مسيرٍ كالحجّ، يكون أداؤها عن طريق المشي أشدّ وأفضل. ⊙ والوجه في تفضيل المشي على الركوب إنّما هو لصيرورة العبادة مع المشي من أحمز الأعمال، وقد اشتهر الخبر القائل: (أفْضَلُ الأعْمَالِ أحْمَزُها)، أي: أكثرها مشقة، وفيما إذا كان في المشي تواضعاً مع الفقراء الذين لا يجدون مركباً. إلا أنّ المعروف بين الأصحاب تفضيل العبادة مع المشي عليها مع الركوب إذا لم يُزاحَم فضلُ المشي بعنوان راجح عند الشارع، وع