المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, ٢٠١٧

دليل زيارة الأربعين: أ يتيمةٌ مُبهَمة؟

صورة
يُشاع: إن ما يُستَدَلُّ به على استحبابٍ خاصٍّ لزيارة الحسين (عليه السلام) في أربعينه مُنحَصِرٌ في ما رواه المفيد مُرسَلاً في مزاره عن العسكري (عليه السلام)، ونصُّه: روي عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) أنه قال: (علامات المؤمن خمس: صلاة الإحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختُّم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم)(1)، وبما أنَّ لفظ "زيارة الأربعين" فيها يُراد به زيارة أربعين مؤمنًا، أو أنه لفظٌ مُبهَم، لا يُدرى المُراد به، فبالتالي فينتفي الدليل على استحبابٍ خاصٍ لـ(زيارة الأربعين)، فهل صحَّ هذا المُشاع؟ أولاً: إن ما ذُكِر من انحصار الدليل في الرواية المذكورة غير تام؛ إذ روى المفيد في مزاره الكبير مُرسلاً(2) والطوسي في مصباحه مُسندًا(3) روايةً أخرى -وهي عن الصادق (عليه السلام)- تنصُّ على زيارته (عليه السلام) في أربعينه، ولننقل شيئًا من رواية الشيخ لها، قال (رحمه الله): أخبرنا جماعةٌ، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدَّثنا محمد بن علي بن معمَّر، قال: حدَّثني أبو الحسن علي بن محمد بن مسعدة والحسن بن علي بن فضَّال، عن

"زر الحسين غير مستكبر" ما معنى ذلك ؟

صورة
طُرح سؤال: جاء في حديث رفاعة عن الإمام الصادق عليه السلام، أخبرني أبي، قال: (من خرج إلى قبر الحسين عليه السلام عارفاً بحقه غير مستكبر صحبه ألف ملك عن يمينه وألف ملك عن شماله وكتب له ألف حجة وألف عمرة مع نبيٍّ أو وصيّ نبيّ). السؤال: ما معنى (غير مستكبر)؟ ولماذا كان شرطاً في الزيارة؟ والجواب على ذلك في قسمين: القسم الأول: ☆ قد وردت عدّة روايات تدلّ على هذا المعنى، وهي بأجمعها تدلّ على أنّ ترتّب الثواب الموعود به على زيارة المولى أبي عبد الله الحسين مشروطٌ بشروطٍ: ⊙ الشرط الأوّل: المعرفة بحقّه، كما في خبر رفاعة المشار إليه وغيره. وهذا من أهمّ الشروط وأعظمها، وهذه المعرفة من المفاهيم المشكّكة، فمعرفة الأنبياء والأوصياء بحقّه عليه السلام أعلى وأرفع من معرفة الأولياء، ومعرفة الأولياء أعلى من معرفة العلماء، ومعرفة هؤلاء أعلى من معرفة العوامّ والأشخاص العاديين، وهذا التفاوت أيضاً حاصلٌ في كلّ طبقةٍ من الطبقات، فربّ عالمٍ أكثر معرفة من عالم آخر. فمعرفة الهويّة الشخصيّة وأنّه ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله معرفةٌ لا ترتقي إلى معرفته بأنّه إمام مفترض الطاعة، ومعرفته كذ

الحُسن عند الحَسن

صورة
يضجّ العالم كل يوم مع خبر جديد عن تبرع مليوني أو ملياري لجمعيات ومنظمات خيرية في الغرب من قبل الأثرياء الغربيين، وما تلبث الصحف ومواقع الانترنت بعدها أن تبدأ في حفلة من التصفيق والتطبيل لهذا الكرم السخي وتجعله قدوة وأسوة يجب على الجميع اتباعها، ومن ثم تبدأ المقارنات ما بين الغرب الكافر والشرق المؤمن والإسلام الذي حضر بلا مسلمين هناك! ومع هذا الانفجار المعلوماتي المذهل، إلا أن أمواج الاعلام تجرف في طريقها الناس وتجعلهم يدورون في مدارها دون وعي أو قدرة على التفكير. ومن يقود هذا الإعلام يتعمّد اخفاء حقيقة أنّ هؤلاء لا يتبرعون بهذه الثروات الضخمة لأجل سواد عين الفقراء، أو حبًا بالناس والإنسانية، إنما هي تجارة من نوع آخر. فالتاجر يداري رأس ماله ويحافظ عليه ويسعى لابقائه، وهذه الأعمال الخيرية تدخل من ضمن أموال التسويق والمرابحة عندهم. فالتاجر يستميل قلب التاجر الآخر بالتبرع لمؤسسة مالية خيرية باسمه، وآخر يتهرب من دفع ضرائب ضخمة بتحويل جزء من أمواله إلى مؤسسة خيرية مملوكة له، والثالث يعتبرها دعاية لمؤسساته وشركاته يدفعها لمؤسسات خيرية مقربة منه تتولى تسويق اسمه وخلق سمعة حسنة له ل

في تشيعك لآل محمد: كُن أبا سهل، ولا تكن شلمغانيّاً

صورة
من المفارقات في سيرة أصحاب الأئمة عليهم السلام أنّ بعضهم كان يرى طاعته للإمام طاعةً محضةً لله، وبعضهم كان يرى في مرافقة الإمام سبيلاً إلى الدنيا. حين نُصِب السفير الثالث للإمام الحجة عجل الله فرجه (الحسين بن روح النوبختي) تفاجأ بعض الشيعة، إذ كانوا يظنون أن أمر السفارة لا ينزوي عن أبي سهل النوبختي؛ لأنه الأكثر أهلية بنظرهم، فسُئلَ ذات يومٍ: كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال: «هم أعلم وما اختاروه»، أي أنّه فوّضَ أمر حركته وخدمته للدين بما يحكم به الإمام من آل محمد عليهم السلام، وأنه لا يقول شيئاً في قباله؛ لأنه يعلم أن ما يفعله الإمام فهو في صلاح حاله. أما الشلمغاني، فقد كان فقيهاً من كبار فقهاء الشيعة، حتى أنّ كتابه «التكليف» كان في معظم بيوت الشيعة، ولكنه كان يرى في الارتباط بالإمام وكتابة العلم سبيلاً إلى الدنيا، ويرى الإمامة من منظور الوكالة والسفارة وقبض الأخماس والتشريفات فقط، فخسر دنياه بمجرد أن سقطَ في امتحان التسليم وصار يترقى في مراتب الضلال حتّى هلك. والمعنى: عليك بالإخلاص في تشيعك، ولا تجعله مادةً للمساومة بيعاً وشراءً، فما أكث

العقل مبررًا للحداثة

صورة
بعد أكثر من ألف سنة من الإسلام، ومن التراث الروائي العظيم، ومن كتابات ونتاجات علماء الدين العلمية المفيدة، لا تزال أهم الإشكاليات على الدين لا تخرج من دائرة العدل الإلهي: مسألة الشر والقضاء والقدر. فهل النقص هو في الدين؟ أم في نصوصه؟ أم في قدرة العلماء على الاجابة، وإيصال الاجابة، على هذه الاشكاليات؟ الواقع أنه لا شيء من ذلك. تكمن المشكلة في العقل المتسائل، فطبيعة عقولنا أنها متسائلة وتندفع نحو التساؤل في كل شيء وبأي شيء لكن عقولنا لا تقدم الأجوبة بقدر السؤال، وليس من مسؤليتها توليد الاجابة قدر البحث عنها. العقل كالمعالج، يحتاج لبيانات والبيانات تحتاج لتصفية قبل المعالجة ومن هنا تبرز أهمية التأسيس العلمي وتهذيب النفس، فهي الأدوات المساعدة على تنقية هذه البيانات للوصول إلى ما يصلح ممّا لا يصلح للمعالجة، فالمعالجة بحد ذاتها لا فائدة منها دون مادة قابلة لها. مشكلة الناس أنهم يظنون العقل كافيًا للاستقلال والحكم، وقولهم هذا هو نظير القول بأن القانون يكفي لضبط المجتمع حتى وإن لم يستعن بقوة تنفيذية كالشرطة وقوة قضائية تطبق مفاهيم القانون على مصاديقه الخارجية. والواقع أن ذلك لا

لا تثبُت إمامة الأئمة عليهم السّلام بنصوصهم أنفسهم؟!!

صورة
حفلت المصادر الحديثيّة الشّيعيّة بالنصوص الكثيرة المنقولة عن أئمة أهل البيت الطّاهرين عليهم السّلام، المعرّفة بإمامتهم للمسلمين، وعظيم منزلتهم، وعالي مقاماتهم، وطهارتهم وعِظم رُتبتهم في الدّين الإلهي الحنيف.  وقد دأب أتباعهم وخصوصاً أهل العلم والفقاهة والكلام منهم على الاستدلال بها وبغيرها من الأحاديث لإثبات إمامة الأئمة الطّاهرين؛ ومحاجّة النّاكرين لفضلهم وحقوقهم في الرّئاسة والإمامة والولاية بها وبغيرها. وهذا واضحٌ للمتتبّع للكتب الكلاميّة والعقائديّة. وقد أشكل البعضُ في الآونة الأخيرة على هذا السّبيل؛ مُدّعياً عدمَ إمكان الاستدلال بنصوص أئمّة أهل البيت عليهم السّلام أنفسِهم لإثبات إمامتهم؛ عازياً ذلك لاستلزامه محذور الدَّور في المقام، والذي يعني توقّف الشيء على نفسه، رامياً بذلك لقطع كلّ محاولةٍ للاستدلال بنصوصهم عليهم السّلام والاحتجاج بها لبيان إمامتهم وولايتهم على النّاس.  ولكن كلامَ المُشكل غير صحيح ولا تامّ؛ و ينحلُّ عن الإشكال بالبيان الآتي: إنّ لكلّ إمامٍ من أئمة أهل البيت عليهم السّلام جنبتان في شخصيّته المباركة: الأولى: جنبَتُه بما هو إمام ؛ ويُنظَرُ له ف

دفعُ التشكيك في إمامة السجاد (عليه السلام)

صورة
منذ البدء بالتشكيك بالنصوص على الأئمة (عليهم السلام) يستغلّ بعض المشككين المناسبات الخاصة بالأئمة (عليهم السلام) لإثارة الشكوك والشبهات حول إمامتهم، بدلاً من أن يصرفها فيما هو أبقى، فسنة الله تقول: فأمّا الزبدُ فيذهبُ جفاءً وأمّا ما ينفعُ الناس فيمكثُ في الأرض. وقد وصلت النوبة إلى الإمام السجاد صلوات الله عليه، فنعرض الإشكال ثم نلقي الجواب لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.. والإثارة الحاليّة حول إمامة الإمام السجاد (عليه السلام) تتعلق بروايةٍ رواها الخزاز القمي في كتابه القيّم (كفاية الأثر) والرواية هي: [حدثنا أبو عبد الله محمد بن وهبان البصري الهنائي، قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد السرقي، قال حدثني أبو الأزهر أحمد بن الأزهر بن منيع، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: كنت عند الحسين بن علي عليهما السلام إذ دخل علي بن الحسين الأصغر، فدعاه الحسين عليه السلام وضمه إليه ضماً وقبل ما بين عينيه ثم قال: بأبي أنت ما أطيب ريحك وأحسن خلفك. - فيداخلني من ذلك - فقلت : بأبي وأمي يا ابن رسول الله إن كان ما نعوذ بالله أن ن

يا اُخت هارون..

صورة
سأل أحد الإخوة: السلام عليكم شيخنا، أحد الأخوة المسيحيين نشر هذا البوست على صفحته، هل من تفسير وإيضاح لما جاء به! دمتَ بخير. نص دعوى صاحب المنشور: هناك شخصيتان في الكتاب المقدس باسم مريم، الأولى نبية وهي مريم بنت عمران وأخت هارون وموسى المذكورة في القصة، والأخرى هي مريم بنت ياهوياقيم وأم المسيح يسوع. محمد توهم بأنهما شخصية واحدة بينما هناك قرابة الألف سنة بينهما. وكان الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله. يلاحظ على هذه الإثارة مجموعة أمور: أولاً: إنها ليست جديدة، وإنما مأخوذة من إثارات المستشرق سانت كلير تيسدال في كتابه (مصادر الإسلام، ص 102- 104). وقد حسب أنه جاء بإنجاز عظيم، والحال أن القاضي عبد الجبار المعتزلي تعرّض للمسألة في كتابه (تنزيه القرآن عن المطاعن) وذكر جواباً لها. وهنا بودي أن أشير إلى أن كثيراً مما يسمى بالإثارات والإشكاليات التي تطرح على القرآن الكريم والدين الإسلامي هذه الأيام بفعل عوامل اجتماعية ونفسية، ليست جديدة، وإنما قديمة قدم القرآن نفسه، وقد تعرّض لها المفسّرون وعلماء الكلام وأجابوا عنها في مجاميعهم التفسيرية والكلامية. قال القاضي عبد الجبار:

الرَّغد...

صورة
الرغد لغة هي المعيشة الواسعة التي لا ضيق فيها وليس معها ما يؤثر عليها، فهي معيشة لا مرض ولا فقر ولا جهل ولاحروب ولا نزاع ولاغيرها من الامور المؤثرة فيها. هذه المعيشة -الرغد- يتمناها كل إنسان يعيش على هذه الأرض، فمنذ أن خلق الانسان وحياته كلها نكد وضيق، فالعيون تترقب وتنتظر إلى هكذا معيشة وبعضهم ولو في أحلامه يتخيلها. أتعلمون في يوم من الأيام كاد العيش أن يكون رَغِداً علينا ويستمر بنا إلى يوم القيامة، لكن قوى الشر والطغيان رفضت لنا معيشة الرغد فأمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: [ لو أن الأمة منذ قبض الله نبيه اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم رغداً إلى يوم القيامة ] (كتاب سليم بن قيس الهلالي: ص211) فتلك الحياة منحصرة باتِّباع أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولكن الأمة اتَّبَعت غيرهم ونصبت أناسًا أجلافًا لا يفقهون من العلم شيئاً، فحصل ما حصل من الويلات والمصائب، فكلها بسبب تخاذل الأمة عن بيعة الغدير، فلو تأملنا في الغدير لعرفنا أنه به تكون حياتنا رغدًا، ليست الحياة المادية فقط، بل المعنوية أيضاً، وهذا الشيء في نص القرآن الكريم: [ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التّ

أزمة الخطاب المعاصر مع اللا ديني

صورة
‏اللاديني غالبًا يلعب على وتر سخافة الطرح الإسلامي المعاصر، حيث يتم عرض الدين على أنه حلم وردي جميل: قليل من أشعار صوفية مع خليط من القصص العاطفية ونكهة من موسيقى ورقص لجلال الدين الرومي وعناوين عامة فضفاضة مستسقاة من شرعة حقوق الإنسان "الوضعية". بالتالي، فإنّ اللاديني يستغل هذا الطرح ليقدم نقدًا بأن هذا الإسلام لا يتناسب مع ما هو مذكور بالقرآن ثم يبدأ باللعب على وتر خطابيات وشعارات سخيفة عن حقوق الإنسان والعدالة والمساواة الجندريّة التي تقدم بديلاً أخلاقيًا مقبولاً وفق الذوق المعاصر المبني على النسبية المعرفية والاستحسان النفسي في مقابل الدين القائم على الثوابت والحقائق. ‏الدين أتى ليتعامل مع الإنسان. والإنسان ليس خيرًا مطلقًا ولا شرًا مطلقًا إنما بين وبين. فيهذب الجانب الشرير بالعقوبة، وينمي الجانب الخيّر بالثواب والمغفرة والرحمة. الدين أتى ليقول لنا بالعاميّة: "صيروا خوش أوادم" بشرط الآدمية الحقيقي لتستحقوا الجزاء الأوفى، ولم يأت ليقول لنا "حبوا بعض" بخطاب عاطفي ساذج. ليس هناك مجتمع بشري واحد ، واحد فقط، بدون قانون وعقوبات وجزاءات ولو بالح

الخبر التاريخي وداء الاستعجال

صورة
المسيرة التصحيحية لغربلة السيرة الحسينية من الأخبار الموضوعة والمزيّفة جهدٌ لا يتأتى إلا لمن تعمق في أكثر من علم (كاللغة والأدب والتاريخ وفلسفته والفقه وأصوله والكلام وتوابعه)؛ أقول ذلك لأن كثيرًا ما اطلعت على حوادث واقعية وجدانيّة كذّبها بعضٌ ببنات عقله إلا أنها واقعية وصحيحة. سأضرب لكم مثلًا برحّالة كتب منذ قديم الزمان أنه رأى سمكًا يخرج ليلًا من البحر ويتسلق الأشجار ويأكل ثمارها ثم يرجع إلى البحر! من يتحاكم للعقل يكذب هذا؛ وله الحق كلّ الحق، إلا أنَّ حكم العقل بالتكذيب لم يترك منطقة فراغ للتراجع كالقول بعدم استحالة مثل هذا الأمر (أقصد نفي الاستحالة العقلية)! ومن الطبيعي أنْ أصيب هؤلاء المكذبين بصدمة كبرى لمّا رأوا مقطعًا وثائقيًا يصوّر هذه الحادثة ويعلّق عليها متعجبًا مندهشًا! وقد رأيتُ ذلك في (تويتر)! أريد من كل هذا أنْ أخرج بعدة نقاط: ١. عدم الاستعجال بالنفي العقلي دون ترك منطقة فراغ للإمكان. ٢. لا بد للمنتقد والمستشكل على الباحث المحقق أنْ يلم بجوانب علمية تؤهله للحكم. ٣. لا بد للكل أن يفهم طبيعة البحث التاريخي، لا سيما في التراث الإسلامي، فالتاريخ لم ينحصر

أ روايات ولادة المهدي ضعيفة؟

صورة
طُرح سؤال: سمعتُ من عدّة أشخاص أنّ هناك مرجعاً ما قام بتضعيف روايات ولادة الإمام المهدي عليه السلام، فما ردّكم على ذلك؟ والجواب: ☆ لا أعتقد أنّ شخصاً يمكن أنْ يصِل إلى مرتبة المرجعية الدينية ويُشكّك في ولادة الإمام المهدي عليه السلام، ولو من خلال التشكيك والتضعيف للروايات الواردة في ولادته. ⊙ نعم، في الحوزات الدينية، وفي حلقات البحث العلمي والتدريس النظري قد تُطرَح بعض التشكيكات لغرض شحن الأذهان، وتركيز النظريات، أو يحصل تشكيكٌ في مسألة من المسائل الضرورية على تقدير الالتزام بمبنى معيّن في علم الرجال. وحينئذٍ لا يمكن أنْ نقول إنّ صاحب هذا الطرح يُشكّك في تلك المسألة الضرورية أو ينكرها. كما لو قال قائلٌ: إنّه على تقدير الالتزام بالمبنى الرجالي للعالم الفلاني فلا نستطيع حينئذ أنْ نثبت ولادة الإمام المهدي عليه السلام من خلال الروايات. ⊙ ولكن للأسف الشديد هناك مَنْ يطرح هذه الأمور بطريقةٍ استفزازيةٍ استعراضية، يحاول أنْ يُظهِرَ نفسه من خلالها على أساس أنّه المصلح للمذهب والدين، وأنّ غيره يعيش في الخطأ والزلل المعرفي والعلمي، والحال أنّ الأمر لا يكون كذلك؛ فإنّ العالم

قوله (ع) للحر: (ثكلتك أمك)

صورة
سأل أحد المؤمنين: ما معنى قول الحسين عليه السلام للحر: (ثكلتك أمك)؟ ألا يتنافى ذلك مع مقام الإمامة؟ والجواب: ☆ بداية نُلفتُ النظر إلى أنّ مثل هذا التعبير رواه علماء السنّة في كتبهم الحديثية عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أيضاً، ففي سنن الترمذي وصحّحه: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ: (لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله عَلَيْهِ تَعْبُدُ الله وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ . . . ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَارسول الله فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ الله وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ). ⊙ أمّا مقولة الإمام الحسين عليه السلام للحرّ الرياحي، فجاءت - كما ذكر الطبري في تاريخه - في سياق

إثارة حول «فتح باب الاجتهاد»

صورة
كثيراً ما يُقال: إنّ فقهاءَ الشيعة متفقون على فتح باب الاجتهاد، ولكنّك إذا خالفتهم في النتائج سرعان ما يقفون ضدك، وربما أصدروا الفتاوى بحقّ الآخر بالضلال والانحراف.  وهذا الإشكال ناتجٌ عن سوء فهم عملية الاجتهاد، ويمكننا أن نشير إلى نقطتين في هذا المقام ليتبيّن وهن هذه المقولة: - النقطة الأولى: أن عملية الاجتهاد وإن كانت متاحةً لمن يمتلك مؤهلاتها، إلا أن لها مضماراً محكوماً بقوانينَ لا يمكن للمجتهد أن يتجاوزها، بحيث لو تجاوزها كان منحرفاً عن جادة الصواب، وهذا النوع من التقنين نظامٌ عقلائيٌّ، فمثلاً: لو أن حاكماً خوّلَ جهةً معينةً في قرية أن تعد الطعام للناس، وأن «يجتهدوا» في صناعة الأطعمة المفيدة، فبلا شك أن هذه الجهة وإن كانت قد فتح لها باب الاجتهاد في صناعة الطعام، إلا أنّها مقيدة ب«أصول الطهي» دون أن تخلَّ بالغرض المقصود، لا أنها مخولة لفعل كل شيء يظهر معه تجاوز قوانين الطهي بما لا ينسجم مع ثوابت تلك العمليّة، وهكذا هو الحال في الاجتهاد، فعندما يُفتح باب الاجتهاد للمجتهد، فهو مُلزَمٌ بأن يجتهد بشكل لا يتنافى مع أصول تلك العملية وأدواتها، فمثلاً لو زعمَ شخصٌ عدم صحة حديثٍ ف

التباكي

صورة
ورد في الروايات  فضل التباكي من خشية الله عامة وعلى مُصابِ سيد الشهداء خاصة منها: عن الامام الصادق عليه السلام : « إن لم تكن بك بكاء فتباك » « إن لم يجئك البكاء فتباك فإن خرج منك مثل رأس الذباب فبخ بخ »[١] . عن أبي عمارة المنشد عن الإمام الصادق قال : قال لي : « ... يا أبا عمارة ... ومن أنشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة»[٢] وقد ذكر فقهائنا وعلمائنا في كتبهم الفقهية مسألة التباكي من خشية الله واستحبابها في باب مبطلات الصلاة منها : البكاء لشيء من أمور الدنيا وعلى ظاهر كلماتهم فيه اجماع[٣] ، أمّا البكاء خوفاً من الله تعالى و خشية من عقابه فهو من أفضل الاعمال [٤] كما نصّت عليه النصوص وكذلك التباكي . - ماهو التباكي ؟ - وهو تكلف البكاء لمن لا يقدر عليه[٥] ، وحمل النفس على البكاء والسعي في تحصيله[٦] اي يجهد نفسه لاجل أن يبكي ، وهو من باب التفاعل وهذا الباب في الأكثر لإظهار صفة ليست موجودة كالتغافل والتجاهل فيكون التباكي ممن يستعد للبكاء [٧] . - الميرزا النوري والتباكي : الميرزا النوري في كتابه اللؤلؤ والمرجان بين مفهومين للتباكي لرد على من يتوهم ان التباكي هو تجوي

السجاد هو من دفن الأجساد

صورة
هل صحيح أن مَن دفن الإمام الحسين (عليه السلام) هو الإمام السجاد (عليه السلام)، وإذا كان كذلك فكيف اُتيح له دفن والده وهو أسير بيد النظام الأموي، وقد أخذوه ضمن عائلة الحسين (ع) إلى الكوفة يوم الحادي عشر من المحرم؟! الجواب: المشهور بين مؤرخي السنَّة أنَّ مَن دفن الحسين (عليه السلام) والشهداء الذين قُتلوا معه هم أهل الغاضرية من بني أسد، فقد ذكروا أنَّ عمر بن سعد جمع قتلى المعسكر الأموي وصلّى عليهم ثم دفنهم وترك الحسين (عليه السلام) ومَن كان معه من الشهداء دون تجهيز ثم إنَّه رحل عن أرض كربلاء في زوال يوم الحادي عشر من شهر محرم مصطحباً معه عائلة الحسين (عليه السلام) على هيئة الأسرى، وحينئذٍ خرج أهل الغاضرية من بني أسد وقاموا بتجهيز الشهداء ودفنهم بعد الصلاة عليهم(1). وقد تبنَّى هذا القول عددٌ من العلماء ومؤرِّخي الشيعة مثل الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس وابن شهراشوب(2). وفي مقابل هذا القول ثمة قولٌ آخر لا يبعد أنّه الأقرب للواقع على أنّه غير منافٍ للقول الأول وهو أنّ الذي تصدَّى لتجهيز جسد الحسين (عليه السلام) ومَن كان معه من الشهداء هو الإمامُ السجاد (عليه السلام) وأعانَه على ذ