المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٧

القصيدة الدارجة المظلومة

صورة
الشعر في محيط الموكب ينقسم إلى نوعين: الشعر الفصيح الملتزم بالعربية بكامل ضوابطها من بناء وإعراب، والشعر العامي المتحدث باللهجة الدراجة، ما يعنينا هنا هو النوع الثاني، ولا يخفى على كثيرين أن القصيدة الدارجة أخذت مساحة واسعة من رقعة المواكب ولها طلب وتأثير، ولكن هذه القصيدة لنا عليها مآخذ في الفترة الأخيرة أو بالأحرى على من ينجزها من الشعراء. كثيرون هم الشعراء الكاتبون القصائد باللهجة الدارجة، وأحسب أن شطرا كبيرا منهم يستضعفون هذه القصيدة ويستهينون بها ويستبسطونها فتراهم مجردين أقلامهم فيها دون التزود بلوازمها وضوابطها، فمن الطبيعي أن يقعوا في حُفر الضعف والأخطاء والركة. القصيدة الدارجة تحتاج لعفوية النفس والسليقة السليمة وأن تكون أميل إلى اللهجة المتحدثة في الأجواء المحيطة مع إحاطتها بجمال التهذيب والتشذيب وإضافة رقة الإحساس والعاطفة، لكني من خلال مروري على كثير من القصائد لشعراء كثيرين لمست غير هذا ولحظت تدنياً في نص القصيدة الشعبية. وأدركت هبوطا أودى بالقصيدة الموكبية وجعلها نصا هزيلا ساذجا لا يحمل مميزات القصيدة ولا يمتلك المقومات الأدبية، فأن تكون القصيدة باللهجة

قُطَّاعُ الطرق

صورة
إن الإنسانَ الذي يريد السفر من بلدٍ إلى بلد فإنه إذا احتمل وجود قطاع طرق يسرقون المال، وينهبون المتاع، ويروِّعون الناس، فإنه يتراجع عن سفره بمقدار ذاك الاحتمال في نفسه، فإذا ارتفع الاحتمال لحد القطع واليقين، فإنه يتراجع عن السفر إلا إذا تمكن من استجماع أمرين أو واحد منهما: الأول: أن يقوِّي نفسه بما يُسهِّل عليه مواجهة قُطَّاع الطرق واللصوص والسُّراق. الثاني: أن يتقوَّى برجال الأمن الأقوياء الأمناء من أجل حمايته ودفع مكائد قُطَّاع الطرق عنه. فإذا تحقق الأمران أو أحدهما فإنه يعزم على السفر بمقدار ما تحصَّل في نفسه من الاطمئنان، وإذا انتفى الأمران معا وقرَّر السفر فإن سفره يوشك أن يكون انتحارًا. أيها العزيز، إنك في سفر الدنيا تحتاط أشد الاحتياط، وتسعى بكل حيلة لكي لا تكون أسيرًا بين يدي قطاع الطرق، أو مسروقًا على أيدي اللصوص والمجرمين، وتهرب منهم هروبك من الأدواء والأمراض، ولا تفكر بالانفتاح عليهم ولا بالاستعانة بهم ولا بوضع يدك في أيديهم مع أن خسارتك في الدنيا قد تعوُّض، ومالك المسروق قد يعود، وحقوقك قد تُسترد. ولكن!! كيف بسفرك إلى الله الذي هو منتهى كل العلوم وال

مسألة التعبُّد بجميع الأديان

صورة
يسأل بعض المؤمنين: هل يوجد من علماء الإمامية - أيدهم الله - مَنْ يقول بجواز التعبّد بجميع المذاهب والأديان؟ وقد عزي مؤخرا تسجيل لبعضهم يقول فيه بالجواز.  فنقول على هذا جواباً: ☆ إذا أخذنا بظهور هذه المقولة وإطلاقها، فالجواب: أنه لا يوجد، ولا يمكن أنْ يوجد. نعم، يمكن أنْ يدّعي ذلك مَنْ ليس له علاقة بالعلم وأهله. وذلك لأنّ التعبّد بالأديان لا يخلو عن احتمالات: ⊙ الأول: أنْ يراد منه أنْ كلّ دين من الأديان يجوز التعبّد به في ظرفه الذي بُعث نبيُّ هذا الدين للتبشير به، فيقال: اليهودية حين دعوة النبيّ موسى عليه السلام إليها يجوز التعبّد بها، والمسيحية حين دعوة النبيّ عيسى عليه السلام إليها يجوز التعبّد بها. وهذا وإنْ كان جائزاً، بل واجباً، إلا أنّه لا يشمل جميع الأديان، بل يختصّ بالأديان الإلهية، ودعوة الأنبياء عليهم السلام. ولا يشمل المذاهب المنحرفة التي لم تنشأ من دعوة نبيّ أو وصيّ. ⊙ الثاني: أنْ يراد منه التعبّد بخصوص الأديان الإلهية حتى بعد وقوع التحريف فيها، ونسخها بالإسلام. ويكون ذلك الجواز ابتدائيّاً، بمعنى أنّ كلّ إنسان ابتداء، وإنْ لم يحصل له قطعٌ بحقانية د

سؤال حول الدفن في الغريّ

صورة
يقول السيد السيستاني (حفظه الله): "يُكرَه نقل الميت من بلد موته إل بلدٍ آخر إلا المشاهد المشرّفة والمواضع المحترمة؛ فإنه يُستَحَب، ولا سيّما الغريُّ والحائر الحسيني، وفي بعض الروايات أن من خواص الأول إسقاط عذاب القبر ومحاسبة منكر ونكير..." (1)، وعلى إثر ذلك يسأل بعض المؤمنين عن الروايات التي أشارت لسقوط عذاب القبر عند الدفن في الغريّ؛ إذ لم تقع عليها عيناه، وهنا أذكر جوابًا لذلك مع بعض التوضيح. أما روايات إسقاط عذاب القبر عند الدفن في الغري، فالظاهر من مراجعة بعض كتب الاستدلال أنهم اعتمدوا على ما قاله الديلمي في إرشاد القلوب، حيث قال (رحمه الله) متحدِّثًا عن الغري: "ومن خواصّ تربته –أي تربة الإمام علي (عليه السلام)- إسقاط عذاب القبر، وترك محاسبة منكر ونكير للمدفون هناك كما وردت به الأخبار الصحيحة عن أهل البيت (عليه السلام)" (2)، والديلمي فاضلٌ مُحَدِّثٌ صالح –كما يُعبِّر عنه الحر العاملي (رحمه الله)(3)-، وقد أخبر بوجود الروايات، وإن لم ينقل نصوصَها، وعلى هذا اعتمد بعض الفقهاء مِمَّن قال بذلك، فأخبرونا نقلاً عن هذا العالم الثقة الجليل بوجود روايات تحمل هذا

في خدمة الحسين ع: المجاملة = عدم المسؤولية!

صورة
في هذه الأيام يستعد خدام الحسين (عليه السلام) بمختلف مجالاتهم لاستقبال موسم عاشوراء، اجتماعات إدارية، جلسات تحضير، تدريبات، ألحان تؤلف وأفكار تناقش وكلمات تكتب. إن من أهم الأمور التي يجب إعادة النظر فيها هو موضوع الصدق مع النفس في تقييم العمل والخدمة الحسينية، هل أنت جاد ومجتهد فيما تقدمه للحسين على مستوى الإدارة والمنبر والموكب؟ هل أنت إداري ناجح؟ هل أنت خطيب مؤهل؟ هل أنت رادود متمكن؟ هل أنت شاعر موهوب؟ إن مجاملة النفس عقبة أمام التطور والتغيير، ومجاملة الآخرين هو عدم تحمل للمسؤولية التي تقتضي إخلاص النصيحة، فقد يجامل الرادود صديقه الشاعر فيلقي له نصا هزيلا، وقد يجامل الإداري رادودا غير متمكن ليعطيه زمام موكب حسيني عريض، وهو بذلك يسيئ للخدمة الحسينية [بغير قصد]. الحل في اعتقادي أن تكون البداية من النفس، إن الصراحة مع النفس أصعب من الصراحة مع الآخرين لأنها تجعلك في مواجهة مع واقعك، لتكون أنت المسؤول عن التغيير.

فلسفة الدين في الابتلاء

صورة
لو كان الدين مجرد مخزون من المعلومات وعدد من العبادات الجسدية التي تحرك البدن، لكان أمره سهلاً. ولكن بالنظر إلى فلسفة الدين وابتلاء الإنسان بتنفيذ تعاليم مُشَرِّعِهِ، يُعلَمُ أنّ جل التعاليم تسيرُ في مسار الامتحان وقهر النفس والرغبات، سواءً الرغبة النابعة من منطلق شخصي: « وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ »(1) أو من منطلق اجتماعي: « وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ »(2). وفي سياق مواجهة هذين المنطلقين يكون جهاد النفس: « أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ »(3) - « أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ »(4)، ومكمن النجاح في هذا الابتلاء أن يواجهَ الإنسان تلك الدوافع والضغوطات التي تدفعه للسير بعكس اتجاه الشريعة الإلهيّة، وأن لا ينقاد لمذاق مجتمعه. قبل عدة قرون في مكّة المكرمة، كان تحويل القبلة إلى

تساؤلات مُلِحّة حول دعوى جواز التعبُّد بكل الأديان

صورة
أفتى بعض المتحدِّثين قبل فترةٍ بجواز التعبُّد بسائر الفِرَق الإسلامية، ولمّا أثارت المسألةُ اللغطَ في الساحة قام مؤخرًا بالتحدُّث عبر عدة مقاطع موضحًا وجهة نظره ومستندها والحيثيات التي تُحيط بها، وزاد في أثنائها على ما سبق بتصريحه بجواز التعبُّد بسائر المِلَلِ والنِحَل، حتى غير الإلهية منها. ولا أقل من باب أن الرجل قد رحّب بالملاحظات والاستفسارات، فإني أتقدَّم بهذه التعليقات راجيًا جوابها: أولاً: بعض النصوص المُستَشهَد بها بيّن المتحدِّث الأصول التي ابتنت عليها فتواه، وهي: أن المدار على الدليل، وأن الدليل لا بدّ أن يكون قطعيًا، وأنه أعم من أن يكون مطابقًا للواقع أو غير مطابق، وأيَّد أصول فتواه هذه بعدة نصوصٍ شرعية(1)، وهي: 1) ما رواه العياشي عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: مَن فسَّر القرآنَ برأيه فأصاب، لم يؤجَر، وإن أخطأ كان إثمه عليه(2). 2) ما رواه العياشي أيضًا، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: مَن فسَّر القرآن برأيه، إن أصاب لم يؤجَر، وإن أخطأ، فهو أبعد من السماء(3). 3) ما رواه الصدوق بسنده عن ابن أبي عُمَير، رفعه إلى أبي عبدالله

هل ذبح تقسيمُ الأسانيدِ حديثَ أهل البيت؟

صورة
كتب لي بعض أهل العلم سؤالاً يطلب فيه بإلحاح الحديث عن حقيقة ما يُقال حول تقسيم الحديث عند المتأخرين من علمائنا، وهل إن هذا التقسيم يؤدّي كما قيل إلى طرح الكثير من رواياتنا لعدم كونها صحيحة بحسب هذا التقسيم؟ وهل أيضًا صحيح ما يُقال من إن هذا التقسيم يؤدي إلى إبطال -والعياذ بالله- الكثير من فضائل مولانا أمير المؤمنين وأبنائه الطاهرين؟ لعدم كونها صحيحة بحسب هذا التقسيم؟ وهكذا ما نسمعه من إن هذا التقسيم هو من البِدَع التي لحقت الدين؟ والجواب: أقول ومنه أستمد العون والتوفيق، وبيان الجواب في ضمن نقاط: 💠 النقطة الأولى: من الواضح والمُسَلَّم به أن القدماء من فقهائنا قسّموا الحديث إلى نوعين: صحيح، وغير صحيح، ومُرادهم من الحديث الصحيح مُغاير للحديث الصحيح المصطلح عند المتأخرين، فيريدون من الحديث الصحيح هو كل خبر مقبول ولو بلحاظ مضمونه حتى لو كان سنده ضعيفًا. فيكون مقصود القدماء من فقهائنا بالحديث الصحيح هو الحديث المقبول، إما من حيث المضمون لاحتفافه بقرائن تشهد بصحته مضمونًا، أو من حيث صحته سندًا،  والحديث غير الصحيح هو الحديث غير المقبول مضمونًا أو الضعيف سندًا دون وجود قرا

المحذور في تأسيس فقهٍ جديد [3/3]

صورة
☆ هذه الحلقة الثالثة في مقام الجواب عن هذا السؤال، وقد خلصنا أخيراً إلى وجود التهافت الشديد في كلمات صاحب المقولة - وما أكثره - فهو من جهةٍ يقول: (إنّه لم يثبت عندنا أنّه لا بدّ من بقاء حجر على حجر، وأنّه لا يجوز تأسيس فقه جديد)؛ ومن جهةٍ يجعل ذلك من المسلّمات التي لا يمكن تجاوزها، ويؤيّد ما قاله الشهيد الصدر رحمه الله أنّ هذا الكبرى من الوجدانيات، ويفتخر بأنّه قد أوضح هذه الكبرى دون سائر الفقهاء، وبيّن أركانها، ومواردها، و..، فكيف يجتمعان!!! فهل تخلّى عن الوجدان عندما قال: (لم يثبت عندي أنّه لا يجوز تأسيس فقه جديد)؟! ⊙ أمّا الدليل على الكبرى المسلّمة في كلمات الفقهاء والمحققين، وهي محذوريّة لزوم تأسيس فقه جديد بالمعنى الذي بيّنته وذكرتُ معالمه وخصائصه في الحلقة الثانية، فمن وجوه لا تخفى على أهل العلم، اقتصر على اثنين منها: ¤ كونها من القضايا الفطرية، وأقصد بذلك القضايا التي يلازمها برهانها، ولا ينفك حضور هذه القضايا في النفس عن حضور برهانها، ويقصد من حضور البرهان الأعم من الحضور الارتكازي والحضور التفصيلي، ويقولون عنها بأنّها قضايا قياساتها معها. وللتوضيح نضرب المثال ا

المحذور في تأسيس فقهٍ جديد [3/2]

صورة
الشيخ معين دقيق العاملي ☆ خلاصة ما تقدّم: أنّ التزام الفقيه بمطلبٍ يؤدي إلى مجموعةٍ من الالتزامات يعدُّ تبنّيها خروجاً عن المسار العام للارتكازات الثابتة في الشريعة، يُسمّى عندهم بـ(تأسيس فقه جديد). بلا فرق بين أن يكون الملتزم به منهجاً، أو تفسيراً لظاهرةٍ أو موضوع، أو بناءً على قضيةٍ نفياً أو إثباتاً، أو غير ذلك. كما أنّ بطلان الملزوم لهذا التالي الفاسد لا يختصّ بصورة العلم بالملازمة. وهذا غير مجرّد ترتّب التالي الفاسد على الاعتقاد بشيء، مع عدم وصوله إلى تشكيل ظاهرةٍ يخرج بها الفقيه عن المسار العام المرتكز عند أهل الشرع. ⊙ بعد وضوح المقولة المتقدّمة وبيان معالمها، يقع الكلام في مدركها، فنقول: إنّه قبل بيان مدركها أرغب في نقل كلام لصاحب تلك المقولة العجيبة الواردة في سؤال السائل، وهي: (أنّه لم يثبت عندنا أنه لا بدّ من بقاء حجر على حجر، وأنّه لا يجوز تأسيس فقه جديد، أوليس الفقهاء أسّسوا لنا فقهاً غير موجود في الكتاب والسنة)؛ حيث إنّ صاحب هذا المقولة في دروس له تحت عنوان (مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي/ ٦٥)، نراه ينظّر ويدافع عمّا يُسمّى عند الفقهاء (بلزوم تأسيس فقه جديد)، وأ

مغالطات: عدم تناسب المقدمات والنتائج [٣]

صورة
الشيخ محمد جاسم تقدّم أنّ بعض المشككين في شأن الإمامة شكّك في اعتقاد أبناء زرارة بإمامة الكاظم (ع) مستدلاً على أنّهم لم يرووا عنه (ع)، وركّز في منشور آخر له على عبيد بن زرارة لمكانته الخاصّة؛ إذ تقدّم أنّ غيره من أبناء زرارة لم يكن من الفقهاء المعروفين والمكثرين في الحديث، وهنا ينبغي التنبيه على نقطة مهمة تمثّل شاهداً آخر على ما أشرت إليه سابقاً التهافت المنهجي لدى المستشكل، وبيان ذلك: أنّا لو سلّمنا بأنّ عبيد بن زرارة لم يرو عن الإمام الكاظم (ع) رغم حياته وصحته وتوفر الظروف الملائمة، وسلّمنا بحيرة زرارة، وسلّمنا أيضاً بحيرة كبار أصحاب الإمام الصادق (ع) -والتي يعتقد المستشكل أنّها حقيقة تاريخية لنصّ مؤرخي تلك الفترة عليها-، فمع ذلك لا يمكن القبول بعدم اعتقاد عبيد بن زرارة بإمامة الكاظم (ع) اعتماداً على ما يلتزم به المستشكل نفسه، وذلك لسببين: [الأول]: ١ـ إنّ عبيد بن زرارة شخصية شيعية معروفة ومن وجوه أصحاب الإمام الصادق (ع) والمكثرين في الحديث عنه، وهذا ما اعترف به المستشكل وانطلق منه في تشكيكه في اعتقاد عبيد بإمامة الكاظم (ع) حيث قال: (إذا كان عبيد بن زرارة بهذا الحال م

المحذور في تأسيس فقهٍ جديد [3/1]

صورة
الشيخ معين دقيق العاملي السؤال:  يرِدُ في كثير من الأبحاث الفقهية والأصولية عبارة لزوم تأسيس فقه جديد، بمعنى أنّ هذا اللزوم تالٍ فاسد يُحكم ببطلان ملزومه ومقدّمه، وقد ورد في كلام بعضٍ مقولة معيّنة يكون لازمها تأسيس فقه جديد. فأجاب عن ذلك: "أنّه لم يثبت عندنا أنه لا بدّ من بقاء حجر على حجر، وأنّه لا يجوز تأسيس فقه جديد، أوليس الفقهاء أسّسوا لنا فقهاً غير موجود في الكتاب والسنة". حبذا لو بيّنتم المحذور في تأسيس فقه جديد، ومدى صحّة كلام ذلك البعض أو سقمه. والجواب: ☆ في بداية الأمر لا بدّ من توضيح المقصود من قولهم: (يلزم تأسيس فقه جديد)، وكيف كان ذلك تالياً فاسداً يؤدي إلى فساد ملزومه؟ فنقول: إنّ المقصود من هذه القاعدة (اللازم الباطل): أنّ التزام الفقيه بنظريّةٍ تجرُّهُ -شاء أو أبى- إلى مجموعةٍ من الالتزامات يعدُّ تبنّيها خروجاً عن المسار العام للارتكازات الثابتة في الشريعة، يُسمّى عندهم ب(تأسيس فقه جديد). أو فقل: هو الإلتزام بما يؤدّي إلى تحليل ما حرّم الله، وتحريم ما أحلّه، في ظاهرةٍ تكون على خلاف المرتكز بين المتشرّعة والمتديّنين. ومعالم هذا التعريف تتضح مما يلي:

مغالطات: عدم تناسب المقدمات والنتائج [٢]

صورة
الشيخ محمد جاسم تقدّم أنّ بعض المستشكلين في شأن الإمامة كثر منه الانتقال من بعض المقدمات إلى نتائج مع فقدان الحدّ الأوسط وعدم بيان دليل على هذا الانتقال، ومن أمثلة ذلك ما نشره مؤخراً حول حيرة زرارة. وقد مرّ أنّ كلامه تضمّن أربعة انتقالات غير مستدلة، ولا بأس بالتعرّض إلى حال كلّ واحدة منها: (١). جزم الكاتب بعدم رواية أبناء زرارة ـ عدا واحد لم تثبت روايته ـ عن الإمام الكاظم (ع)، ودليله على ذلك عدم وجود رواية لهم في كتبنا الحديثية. ومن الواضح أنّ هذا الانتقال لا يكون صحيحاً إلا إذا صحّت مقدمة وهي (إنّ من لم توجد له رواية عن أحد الأئمّة في الكتب الحديثية المتوفرة عندنا فهو لم يرو عن ذلك الإمام)، لكن يلحظ على ذلك: أولاً: إنّ هذه المقدمة التي يتوقّف عليها الاستدلال غير صحيحة؛ لأنّ ما وصلنا من الأحاديث هو مقدار ضئيل بالقياس إلى المقدار المفقود من تراثنا، فكيف يمكن الحكم بعدم رواية لأبناء زرارة في ذلك المقدار المفقود؟ فمثلاً: ذكروا أنّ لعبد الله بن زرارة كتاباً في الحديث في حين أنّ ما وصلنا من روايات عن عبد الله بن زرارة أقلّ من أصابع اليد الواحدة، فكيف يستطيع المستشكل أن يحكم