المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, ٢٠١٧

التعامل "الكاشيري" مع الله

صورة
الأستاذ علي حمزة زكريا المادية حين تغلغل في النفس البشرية قد لا تنعكس على الإنسان - بالضرورة - بإنكار الغيب، فتراه يؤمن بالله وملائكته وكل ما يندرج تحت "الغيب". إلا أنّ إيمانه المادي يظهر في طريقة تعامله مع هذا "الغيب"، وهذا هو المحك بين الإيمان ومجرّد الاعتقاد. فالإيمان بالله، ثم التساؤل عن كيف أن دمعة يمكنها أن تعتق رقبة الإنسان من النار بينما لا يكون "اختراع التكييف" كذلك! والتساؤل عن كيف أن تذهيب قبة معصوم يثقل الميزان أكثر من اطعام جائع بوجبة! والتساؤل عن كيف للدين أن يقول بأن ذاك البوذي الخلوق نجس وهذا المسلم الكذوب طاهر! وغيرها من الأسئلة والأمثلة على هذا النسق تشير إلى أن طبيعة الإيمان عندهم ليست إيمانًا واقعيًا بل إيمان من باب الحاجة النفسية أو الغرض الاجتماعي في الغالب الأعم. فهم يريدون إيمانًا هم يفرضون طبيعته، ويضعون موازينه، ويرسمون ملامحه، وإيمانًا يكون فيه الله - عزّ وجل- مجرد "كاشير" [محاسب] يحاسب مقدار الثواب، دون أن يضع الموازين له. ويكون معيار الأعمال عندهم "عدد الحسنات" لا مدىٰ "رضا الله سبحانه و

مغالطات: عدم تناسب المقدمات والنتائج [١]

صورة
الشيخ محمد جاسم إنّ من الركائز الأساسية للبحث العلمي هو أن تكون النتائج مترتبة على المقدمات ومتفرعة على المعطيات، ولذا ينبغي عند النظر في أيّ استدلال تفكيكه إلى مقدماته التي يتوقف عليها والتفحّص في حال كلّ مقدمة منها؛ لكي يحترس الإنسان من تمرير مغالطة عليه. ومن الملحوظ في كتابات بعض المشككين في شأن الإمامة فقدان الحد الأوسط ـ بحسب التعبير المنطقي ـ والقفز من بعض المعطيات إلى نتائج غير مترتبة عليها وعدم البرهنة على بعض المقدمات التي يتوقف كلامه عليها. وسأذكر هنا مثالاً لذلك، وقبله ينبغي بيان مقدمة، وهي: أنّه قد وردت بعض الروايات التي تفيد أنّ زرارة بن أعين (ره) لم يكن يعرف الإمام بعد الإمام الصادق (ع)، فأرسل -وهو على فراش المرض- ولده عبيد بن زرارة إلى المدينة لكي يعرف الإمام ويأتيه بالخبر، إلا أنّ عبيداً وصل بالخبر بعد وفاة والده. وفي مقابل ذلك روى الشيخ الصدوق (ره) بسند معتبر عن الإمام الرضا (ع) حديثاً مفاده أنّ زرارة كان يعلم بإمامة الكاظم (ع) إلا أنّه أرسل ولده ليعرف هل يجوز له أن يظهر أمر إمامته أم لا؟ يتساءل المستشكل: (إذا كان زرارة يعلم بالأمر فهل يُعقل أن يرحل من هذه ال

تعليقٌ حول: (حوار القاهرة والناس)

صورة
الشيخ أحمد سلمان الأحمدي كنّا ولازلنا نعاني من حالة (الانهزامية) التي يظهرها بعض المتصدّين للحوار والمناظرة في وسائل الإعلام المختلفة، وعلامة هذه الحالة هي الانصياع لاشكالات الطرف الآخر والتسليم بها، ثم محاولة التملّص منها وإن كانت من ثوابت المذهب! وقد ظهر مؤخّرا في بعض الفضائيات المصرية أحد رجال الدين من لبنان في نقاش مع شيخ أزهريّ حول الأذان وبالتحديد حول الشهادة الثالثة حيث شنّ عليها هجمة قويّة واعتبرها من فعل العوام بل اعتبر ذكرها في الأذان أمرا مكروها وهو من فعل العوام المتعصّبين بل وافق الشيخَ الأزهري في ضرورة التصدّي لمثل هذا الشيء ومنعه من الأذان! وتعليقي على ما ذكره الشيخ هو: أوّلا: إنّ البحث في مشروعية الشهادة الثالثة هو أمر فقهي يبحثه الفقهاء في دروسهم العليا، ولا يكفي إضافة لقب (مفتي) قبل إسم أي شخص ليعطى الحقّ في المناقشة والأخذ والردّ في قضايا فقهية ويكون صاحب رأي فيها. ثانيا: لقد ذكر علماؤنا الأعلام عدّة أدلّة على مشروعية الشهادة الثالثة واستحبابها في الأذان، وقد شحنت كتبهم الفقهية بهذا البحث، بل ألفت كتب ورسائل مستقلّة في هذا الأمر قديما وحديثا

مفهوم التبرّي في القرآن الكريم

صورة
الباحث عبدالزهراء المير طه معنى التبري: برأ ، أصل البُرْءِ والبَرَاءِ والتبرّي: التفصّي مما يكره مجاورته ، ولذلك قيل: بَرَأْتُ من المرض وبَرِئْتُ من فلان وتَبَرَّأْتُ وأَبْرَأْتُهُ من كذا، وبَرَّأْتُهُ، ورجل بَرِي‏ءٌ، وقوم بُرَآء وبَرِيئُون. وأنّ مادّة برأ -و- برى- متقارب أحدهما من الآخر، والأصل الجامع الواحد فيها : هو التباعد من النقص والعيب ، ( إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) أي نزيه ومتباعد من هذه العقيدة .  ويعتمد التولي والتبري أولاً على المفاهيم الفطرية والعقلية فالتبري من الشرّ والشرير أمرٌ فطريٌ كالتبرّي من اللص أو الإرهابي، وفي الدول التولي للمواطن والتبري عن غير مواطنيها والتبري والتولي في الأحزاب والاتجاهات السياسية فالعلماني يتولى العلماني ويتبرأ من الشيوعي والمدني يتولى المدني ويتبرأ من العلماني أو التولي والتبري في العشائر فالعشيرة تتولى أبناءها وتتبرأ عن غيرهم ونحو ذلك، كما أن العقل يحكم بالتبري حيث يتبرأ من كل ما يضر الذات كالتبري من الذي يريد الفساد في الأرض. ويعتمد مفهوم التبري على مفاهيم عقلائية فالعقلاء عند كل الأمم والملل يجمعون على ضرورة طرد أ

إشكالاتُ (السوق المربحة)

صورة
الشيخ علي يعقوب بالإضافة لدروسه الحوزوية، برز أحد المتحدثين بسبب برنامج مطارحاته العقائدي الذي كانت تبثُّه إحدى شاشات التلفزة، وقد انتقل -أي البرنامج- لمرحلةٍ جديدةٍ بعد أن انضمّ له برنامجٌ مهدويٌ على ذات الشاشة في سبتمبر 2009م، وقد رافق ذلك تبدُّلٌ في منهجية البرنامج، فبعد كونه منصبًا على بحث التوحيد والنبوة والإمامة في أنفسها، صار مخاطبًا للمخالفين، إلا أنّ تحوُّلاً نوعيًا كبيرًا جرى للمتحدّث وبرنامجَيه في مطلع عام 2010م بالنحو الذي تسبّب في مضاعفة متابعي البرنامجَين، بل وإبهارهم -من مؤالفين ومخالفين-، بل وصار حديث الساعة، مِمَّا ساهم بإبراز شخصية المتحدث وتعاظم سمعته الجماهيرية بالإضافة لسمعته الحوزوية السابقة الناشئة من كثرة دروسه التي تتميّز ببيانه وعرضه ومن كثرة تلاميذه. وهكذا جرت الأمور وشهرة الرجل تزداد اتساعًا حتى جاء عام 2012م، فخرجت منه بعض التصريحات المتناولة لبعض الفقهاء تحت عنوان التنظير والترويج لفكرة "المرجع الشمولي" -المتجسدة فيه طبعًا-، فليس المرجع مرجعًا ما لم يكن مفسِّرًا متكلِّمًا فيلسوفًا... ، ولا يجوز للمؤمنين الرجوع لأحدٍ ما لم يكن الأعلم ف

أسطورتان عن علي شريعتي

صورة
الأستاذ علي زكريا لأن المشهد الثقافي عندنا متأخرٌ، فقد تعرّف على علي شريعتي متأخرًا، ورافق تعرّفه على شريعتي انحسار الظروف التي كانت محيطة به في زمانه، فَلَمْ يعد الفكر الماركسي منتشرًا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وهيمنة الليبرالية، ولَمْ يعد الصراع الديني الذي كان يقاتل على جبهتين: الجبهة الشرقية (الشيوعية) والجبهة الغربية (الرأسمالية) يخوض هذه المعركة لاثبات وجوده، إنما باتت اليوم معاركه داخليةً إما بين الطوائف، أو ما بين الأصالة والحداثة التي تحولت لبناء دين يقوم على أسس الليبرالية المعاصرة بدلاً من دين يقوم على أسس ماركسية (نسبة لأفكار كارل ماركس عن الصراع الطبقي) كما كان يُطرح على الساحة في حقبة شريعتي . من هنا، كانت الأفكار التي يطرحها شريعتي مغريةً لشباب اليوم، فاستدعوها مع كل ما فيها، فهي مملوءة بالشعارات المغرية، ومبنية على نقدٍ حاد لرجال الدين، وتُحارب طبقات المتغوّلين في المجتمع، وتؤسس لدينٍ مبني على نظرة تدّعي أنها تسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية (مستندة على رؤية ماركسية) وهو ما يجد صدى عند من يعاني من شظف العيش وتمزقه مخالب الفساد وتطحنه الليبرالية الرأسمالية ب

دِفاعاً عَن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه)

صورة
الشيخ إبراهيم جواد ذكر السيّد كمال الحيدري في الدرس (11) من نظرية المعرفة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي بتاريخ 6 شعبان 1438 هـ، في الدقيقة [39:55] وما بعدها (1)  كلاماً كثيراً حول شخصية الصحابي عبدالله بن عبّاس رضي الله عنه، وتعليقاً على ما ذُكِرَ في الدرس أقول:  أولا: لم يَعدُ مِنَ المجدِي عِلْميَّاً تقديم المقولات الإفراطيّة على نَحو الفتوى ليُقالَ: إنَّ (كلَّ) مرويات ابن عبّاس من الإسرائيليات، فهذا الأسلوب يُناسب الهمجَ الرعاع الذين يتعطّشون للمقولات الجديدة باسم التجديد والتي ظاهرها تنقيح التراث وباطنها فراغٌ ومقولاتٌ دون إحصاءٍ وتتبع، وإلا فنحن نطالبُ بالإحصاءات على نفس المنطق الذي يردده السيد الحيدري: (قُل هاتوا برهانكم) ولكن الظاهر أنّ فتاوى الرجل أكثر من أبحاثه . ثانياً:   لا يخفى أنّ مقولات ابن عباس المنقولة في التراث الشيعي قليلة بالنسبة لسعته، وذلك لأنّ اعتماد الشيعي بالدرجة الأولى على كلام الإمام المعصوم، أمّا في التراث السني فهي أكثر ولا سيّما في جانب التفسير، ونعني بالمقولات نفس الأقوال الشخصيّة لا المنقولات الروائيّة . ثالثا:  إنّ صغر

رواية الكوفيين عن الصادق ع

صورة
الشيخ أحمد سلمان الأحمدي يشكل علينا المخالفون بأنّ أغلب الرواة عن الإمام الصادق (ع) هم من أهل الكوفة، وهو مدني المولد والمنشأ والوفاة، فما حال هذه الدعوى؟ كثيرًا ما يردّد المخالفون هذه الشبهة توهّما منهم أنّها مسقطة لروايات الإمام الصادق (عليه السلام) في كتب الشيعة أعلى الله برهانهم، ويرد على ذلك: أولاً: لم يشترط أحد من علماء الحديث سواء من الشيعة أو من السنة أنّه لا بدّ من اشتراك الراوي والمروي عنه في المدينة بل غاية ما اشترطوه هو (إمكانية اللقاء بين الراوي والمروي عنه) وهو رأي مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح، أو (ثبوت اللقاء ولو مرة واحدة) وهو رأي محمد بن اسماعيل البخاري وجملة من المحدّثين، ولذلك نجد في كتب الحديث رواية الكوفيين عن المدنيين، والمكيين عن الشاميين، والبصريين عن اليمنيين، بل قلّما تجد راوي اقتصر في الرواية على أهل بلدته. ثانيًا: إنّ أهل الكوفة كانوا يترّددون باستمرار على الحجاز للحج والعمرة وزيارة قبر المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وكانوا يقضون الأيام الكثيرة في مكة والمدينة؛ نظرًا لصعوبة الوصول لها، وتكون هذه الرحلة فرصة للقاء الإمام الصادق (عليه

ثلاث رصاصات!

صورة
الشيخ حسين الحربي أنا الآن يا صديقي على كرسيّ الطائرة في رحلةٍ طويلةٍ تزيدُ على اثنتي عشرةَ ساعة وبجواري مسافرٌ لا أعرف من أيِّ أهلِ الأرض هو! أزعجني منذُ بداية الرحلة بحديثه المملِّ جداً، ولكنَّه -والحمدُلله- يغطُّ في نومٍ عميقٍ منذُ أكثرَ من سبعِ ساعات، وأسأل الله أن يطيلَ نومه حتى نهاية الرحلة إنَّه على كُلِّ شيء قدير، عسى أن أنشغلَ بما بين يديّ مِن مُؤلفات لأشخاصٍ لا أحبُّ توجّهاتِهم الفكريّة ولا أحبُّ ما يكتبون ولا أعلمُ صراحةً لِمَ لا زلت أعكّر مزاجي بالقراءة لنتاجِهم وجديدِ هُرائهم؟! -الذي هو في حقيقته نفس هرائهم السابق قد أُعيد تدويره-. ولا أخفيك يا من تقرأ سطوري معلومةً لا تنفعُ مَن علِمَها ولا تضرُّ مَن جهِلَها، أنّني كثير السرَحان في الفترة الأخيرة! وأعني بالفترة الأخيرة آخر ثمانٍ وعشرين سنة من حياتي وهي كل سنواتي منذ ولادتي! وبينما أنا منغمس في كُتب من ذَكَرتُهم لك آنفاً، فكّرت في ظاهرةٍ بدأت تنتشرُ مؤخّراً، ودائماً ما يتصدّى لـ "أفرادها" من عُجنت الغيرةُ على الحقيقة في قلبِه، وأَردف غيرتَه توفيق إلهي للذود عنها. ولعلّك لاحظت أنني لم أقل يتصدّى

مفهوم التولي في القرآن الكريم

صورة
الباحث عبدالزهراء المير طه التولي مأخوذ من والى بمعنى شايع وأحب بإخلاص وهو معنى المتابعة وهو الحبّ والمودّة لأولياء الله قلباً وإظهاره عملاً وهو فرع من الدين؛ لأنه انعكاس للإيمان في مقام العمل والممارسة، كما قال تعالى: (وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإَبْراهِيمَ)(1) أي مواليه حدّ الإخلاص، ومنه موالاة النبي (ص)؛ لأهميتها بعد الله (تعالى) كما في قوله تعالى: (وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ)(2) ومنه موالاة أهل بيته (ع)، وهم من خُصِّصوا بالمدح في القرآن الكريم بآيات كثيرة أهَّلتهم لأن يوالَوا وجوبًا؛ لعصمتهم وغيرها من الصفات الخاصة بهم ولم تكن لغيرهم، فكانت الموالاة من اختصاصهم بها ومن تلك الآيات: 1- قوله (تعالى): ( إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )(3) 2- قوله (تعالى): ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ )(4) 3- قوله (تعالى): ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْ