يقول أن عنده حداثة إسلامية!!
د. السيد عباس هاشم
أحد العلماء المعممين الذي اشتهر بمطارحاته العقدية الجيدة في فترة من الفترات والمقتصرة على الخلاف بين مدرسة أهل البيت وبعض المدارس الإسلامية الأخرى؛ قرر أيضا الرد على اشكالات الحداثيين، فغاص في قراءة كتب المفكرين الحداثيين، ولكنه غرق فيها وامتلأ من اشكالاتها، فعاد مثقلا بها بالكاد يستيطع أن يتنفس ما ينافيها. ومع أنه ملئ بالمعارف والثقافة، ولكن عجز عن الاستفادة مما تعلمه لرد الاشكالات التي واجهها، فصار مشوش الفكر يشرّق تارة ويغرّب أخرى.
حتى مصطلح "تاريخية النص" وهو مصطلح غربي محايد يعني أن لهذا النص واقعا قد حدث في زمان ومكان معينين، ولكن أساء بعض الحداثيين العرب استخدامه واعتبروا تاريخية النص القرآني تعني أنه خاص بعصر نزوله وأنه كان ملائما لإصلاح مجتمع ذلك العصر ولا يصلح لهذا العصر، تبجح صاحبنا بالقول أنه يصر على هذا المصطلح أي "تاريخية النص القرآني"، ولكنه يميز نفسه عن الحداثيين، من أن النص يصلح لكل زمان ومكان، وفق نظرية مدعاة أطلق عليها "وحدة المفهوم وتعدد المصاديق".
لم يذكر في نظريته تلك السنة الشريفة التي اعتبر أكثر ما وصلنا منها -في بعض أحاديثه- اسرائيليات، ولكنه اعتبر أن محور هذه النظرية يتمثل في الإبقاء على المفاهيم الموجودة في القرآن ،واعتبارها صالحة لكل زمان، ولكن يمكن اختراع مصاديق لها تناسب العصر، فحتى الصلاة وفقا لنظريته يمكن أن تتغير وتتغير أعداد الصلوات، مع بقاءها كصلاة، فعنده لو أن الرسول موجود في هذا العصر، لربما غير عدد الصلوات وما يتعلق بها..فهو بهذا التدليس لن يختلف في النتيجة عما يدعو له الحداثيون.
وقد قام بتقديم "مبانٍ" جديدة وغريبة لنظريته المسماة "وحدة المفهوم وتعدد المصاديق"، وذلك لتنتج مصاديق (تشريعات جديدة) وفق مقاسات ما يدعوا له الحداثيين، من مثل وجوب المساواة بين الجنسين في الأرث وعدم حاجة المرأة لعدة للتزوج ثانية، فحتى منظومة حقوق الإنسان وما فيها من منافيات فاقعة للدين، اعتبرها سيرة عقلائية وهي سيرة ممضاة من المعصوم عليه السلام لأنه لم يردع عنها، فهي إذن من مصادر التشريع عنده، حالها حال القرآن والسنة الشريفة، غافلا وهو أستاذ الأصول، أن مثل السيرة كاشفة عن مراد الكتاب والسنة وليست مصدرا للتشريع. وكما أن الحرية في الغرب تعتبر من القيم الاجتماعية فهي عندهم -وفق منطوقه المبهم الغريب- من مصادر التشريع هناك، فكذلك فإن القيم الأخلاقية الاجتماعية تعتبر عنده من مصادر التشريع..أما إذا سألتم؛ كيف يمكن أن تكون قيم الشجاعة والكرم والصدق من مصادر التشريع في الإسلام؟!!
ولعله من شدة الغرق في الاشكالات الحداثيين، أعلن أنه يتبنى حداثة ولكن ليست كحداثة الغرب أو حداثة الحداثيين العرب، وإنما هي حداثة "إسلامية"..ويا سلام على الرأسمالية الإسلامية والدائرة المربعة والمثلث المستطيل!! فالحداثة عبارة عن انتقال من منظومة ثقافية إلى منظومة أخرى، فهي أسلوب حياة في الغرب حدثت نتيجة لظروف سياسية واقتصادية واجتماعية متشابكلة، أكثر منها تنظيرات فكرية مسبقة؛ فهي ليست سببا حتى نبحث عن قواعد ومبان تنتج تشريعات جديدة ونعتبرها أنها هي "الحداثة" التي ستنقلنا لمصاف الدول الغربية المتقدمة.
السلام عليكم
ردحذفما هو ردكم على الإشكاليات التي تقول توقيفية النص القراني والروائي وكيف لنا تفسير المستحدثات والمستجدات في الحياة اليومية للأنسان
وشكرا