الغدير: مظهر التوحيد الحقيقي
امتحان التوحيد الواقعيّ للمسلمين لم يكن في الحج، فالله لم يميز المؤمن من المنافق بالطواف حول الكعبة، وإنما جعلَ المائز هو حُب علي عليه السلام وولايته.
الإقرارُ اللساني بالتوحيد سهلٌ يسيرٌ، ولكن الله جعل بيان تحقيق التوحيد الفعلي منوطاً بالولاية، فإن إبليس قد عبد الله ستة آلاف سنة ملقلقاً بلسانه عبارات التوحيد الظاهري بين سجود وركوع وتسبيح، ولكن حينما امتُحِن بجوهر التوحيد وحقيقته «الولاية» وعُرِضت عليه ولاية خليفة الله سقط بالاستكبار عنها.
فالنطق بكلمة التوحيد وترديدها في العبادات والجهر بها في الحج ليس إلا دعوى كدعوى إبليس التي استمر بتكراراها لمدة ستة آلاف سنة، وإنما الذي يبين صدق هذه الدعوى هو امتحان الولاية، الذي ابتدأ بامتحان إبليس في ولاية آدم عليه السلام والتسليم بخلافته لله في أرضه، وانتهى بامتحان الولاية الأعظم، بولاية علي صلوات الله عليه في غدير خم.
وهنا يظهر مدى ارتباط ظاهر التوحيد بحقيقته وجوهره، وإلى ذلك أشار الإمام الرضا صلوات الله عليه في حديث السلسلة الذهبية بعد ما ذكر كلمة التوحيد، فقال: «...، بشروطها، وأنا من شروطها».
وروي عن الإمام الباقر عليه السلام: «إنّما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها، ثمّ يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا، وهو قول الله: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهتَدَى ﴾ ثم أومأ بيده إلى صدره: (إلى ولايتنا...)»، فنرى أن الحجّ دون انضمام الولاية لا يكفي في تماميّة التوبة والإيمان والعمل الصالح، ولا يكون لوحده عنصراً محققاً للهداية بدون الاعتقاد بولاية خليفة الله في أرضه.
جزاكم الله خيرا، سلمت يمينك استاذ ابراهيم
ردحذف