بل يضرُ وينفع ويمنع ويدفع!
السيد صلاح عبد المهدي الحلو
في مقطعٍ فيديويٍّ صغيرٍ خرج بعضُ الحمقى ممن لا أشكُّ أبداً أنَّ في شرفِهِم ثلمة، وفي نسبهم غمزة، وفي عقلِهم لوثة وهم يُرددون هتافاً سخيفاً مثلهم ويهزجون بعبارة (خلي الرضا يفيدك).
سلامُ الله على السلطان أبي الحسن الرضا عليه السلام، فمما لاشك فيه أنَّه يضرُ وينفع، ويمنع ويدفع.
وكم له من كراماتٍ باهرة، وآياتٍ ظاهرة تدُلُّ على منزلته عند الله، وقُدرته في التصرف بقوانين الكون بإذنه، فهو ليس أقلَّ من عيسى الذي يبرئُ الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى، ولا دون موسى الذي فلق البحر بيمينه، ولفق الإفك بعصاه، بل هو خيرٌ منهما – عليهم السلام – فهو سليل من شقَّ القمر والشجر نصفين، فلهُ آيةٌ في الأرض وآيةٌ في السماء صلى الله عليه وآله.
يتعاطى النَّاسُ مع الأوبئةِ والأمراض، والمحن والرزايا على ثلاث مستويات:فمنهم من لا يؤمنُ بالغيب أصلاً، لا من قريبٍ ولا من بعيد، ويرمي بكّلِه على الأسباب الطبيعية؛ لذا حين يعجز العلم عن إيجاد حلٍّ لمشكلته ينتابه اليأس وتتأذى حالتُه النفسية.
ومنهم من يؤمن أن الاسباب الطبيعية والغيبية يسيران معاً في طريق الشفاء من المرض، والتخليص من الأزمات، وأنَّ قانون (اعقل وتوكَّل) هو الوصفة السحرية لحلِّ الأزمات.
ومع هذا، فعلى الصعيد العمليّ – فإنَّه يعقل ولا يتوكل، فتكون عنده حبَّة الدواء أرجى من استجابة الدعاء، فهذا يؤمن بتلك القاعدة على الصعيد النظريّ لا العملي، بعقله لا بقلبه، فهو من الناحية العملية يكون مثل من سبقه ممن لا يؤمن بغير الأسباب الطبيعية، فعدم الصدق في التوكل يساوق ويساوي عدم التوكل فيكون أثرُهُ أثرَه.
وأما الذين يؤمنون بها، ويتوكلون على الله حق التوكل فهم يرون الإجابة، ويَلمسون البركة، ولعلَّ قصة انكسار الزجاج في عين ابنة الشيخ الوائلي رحمه الله خير مثالٍ، فقد ذهب للطبيب الأرمني في بغداد والذي أخبره باليأس من شفائها، ثم خرج من المستشفى وذهب للإمام الكاظم (عليه السلام) وتضرَّع هناك فشفاها، وأنعم به (عليه السلام) طبيباً مداويا.
سلامُ الله على السلطان أبي الحسن الرضا عليه السلام، فمما لاشك فيه أنَّه يضرُ وينفع، ويمنع ويدفع.
وكم له من كراماتٍ باهرة، وآياتٍ ظاهرة تدُلُّ على منزلته عند الله، وقُدرته في التصرف بقوانين الكون بإذنه، فهو ليس أقلَّ من عيسى الذي يبرئُ الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى، ولا دون موسى الذي فلق البحر بيمينه، ولفق الإفك بعصاه، بل هو خيرٌ منهما – عليهم السلام – فهو سليل من شقَّ القمر والشجر نصفين، فلهُ آيةٌ في الأرض وآيةٌ في السماء صلى الله عليه وآله.
يتعاطى النَّاسُ مع الأوبئةِ والأمراض، والمحن والرزايا على ثلاث مستويات:فمنهم من لا يؤمنُ بالغيب أصلاً، لا من قريبٍ ولا من بعيد، ويرمي بكّلِه على الأسباب الطبيعية؛ لذا حين يعجز العلم عن إيجاد حلٍّ لمشكلته ينتابه اليأس وتتأذى حالتُه النفسية.
ومنهم من يؤمن أن الاسباب الطبيعية والغيبية يسيران معاً في طريق الشفاء من المرض، والتخليص من الأزمات، وأنَّ قانون (اعقل وتوكَّل) هو الوصفة السحرية لحلِّ الأزمات.
ومع هذا، فعلى الصعيد العمليّ – فإنَّه يعقل ولا يتوكل، فتكون عنده حبَّة الدواء أرجى من استجابة الدعاء، فهذا يؤمن بتلك القاعدة على الصعيد النظريّ لا العملي، بعقله لا بقلبه، فهو من الناحية العملية يكون مثل من سبقه ممن لا يؤمن بغير الأسباب الطبيعية، فعدم الصدق في التوكل يساوق ويساوي عدم التوكل فيكون أثرُهُ أثرَه.
وأما الذين يؤمنون بها، ويتوكلون على الله حق التوكل فهم يرون الإجابة، ويَلمسون البركة، ولعلَّ قصة انكسار الزجاج في عين ابنة الشيخ الوائلي رحمه الله خير مثالٍ، فقد ذهب للطبيب الأرمني في بغداد والذي أخبره باليأس من شفائها، ثم خرج من المستشفى وذهب للإمام الكاظم (عليه السلام) وتضرَّع هناك فشفاها، وأنعم به (عليه السلام) طبيباً مداويا.
ومنهم من يرى أنَّ الله تعالى مسبب الاسباب لا غيره، وإذا جرت سُنَّةُ الله تعالى أن يكون الإحراق بالنَّار، والإرواء بالماء فقد يسلب خاصية الإحراق عنها كما صنع بنار إبراهيم الخليل (عليه السلام) ويسلب خاصية الإرواء عن الماء كما حصل مع عبد الله بن الحصين الأزدي وهو بعض قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) ممن منعه (عليه السلام) من شرب الماء، ودعا عليه الإمام (عليه السلام) أن يموت عطشاً، فكان يشرب الماء حتى يبغر (يشرب فلا يُروى) ويصيح العطش العطش!!
وكم حكى الأطباءُ عن حالاتٍ من المرض متشابهةٍ، ومن الألم متماثلةٍ، وعلاجها ودواؤها واحد، ولكن بعض الحالات شُفيت دون الأخرى مع أن الظروف المحيطة هي هي نفسها، وما ذاك إلَّا لأنَّ الله تعالى سلب خاصية الشفاء من ذاك الدواء ولم يسْلبْها من هذا، فشُفِي ذاك دون هذا.
فتتعطل آنذاك لغة القوانين والأسباب ويكون اللجوء إلى مسبب الاسباب، فبيده الداءُ والدواء، وهنا تكون الكرامات والمعجزات، ويتفاوت الناسُ في اليقين، فبعضهم – مِنْ يقينِهِ – يمشي على الماء، وآخر يطير في الهواء.
ولكن هذا يختلف باختلاف إيمان الناس كالحالة الأولى، فمنهم من يؤمن بها عقلاً لا قلباً، فتراه يلجأ لقاعدة (اعقل وتوكل) عند حلول طارئ، وحدوث محنة، ومنهم من يؤمن بها قلباً وعقلا.
ولقد روى السيد نعمة الله الجزائري (قدس سره) في الأنوار النعمانية كيف ضعف بصره لما كان يقرأ تحت ضوء القمر - حيث لم يكن يملك ثمن الزيت للقراءة - حتى شافاه الله تعالى ببركة التراب المتناثر من القبة الحسينية المطهرة.
وكيف ضعف بصر الشيخ آغا برزك الطهراني قدس سره وتذكَّر أنه كتب بيده الأحاديث الشريفة، فغمسها في كأسٍ من الماء ثمَّ مررها على عينيه فشفيتا.
ولا عجب ولا نكارة, ولكن نحتاج إلى يقينٍ كيقين الشيخ، وطهر يدٍ كطهارتها.
بل ذكر السيد عبد الحسين دستغيب شهيد المحراب، وهو رجلٌ بدأ حياته بالعِلم وختمها بالشهادة في محراب العبادة في كتابه (القصص العجيبة) أكثر من هذا وهو أن بعضهم – وسمَّاه – أحيا بعض الموتى! وهذا الأمر وإن كان مستحيلاً عادة، ولكنه ليس مستحيلاً عقلا، فلا عجب ولا غرابة.
وقد نقل لي بعضُ جيراني في حي كندة بالكوفة في تسعينيات القرن المنصرم – وقد توفاه الله إلى رحمته – وكان حسن الاعتقاد بآل البيت – عليهم السلام – واسمه السيد عباس الفحام – وولدا أخيه صديقاي على الصفحة (الفيسبوك) من بعد، وجيراني في الواقع من قبل، وبإمكانهم تكذيبي لو زدتُ في القصة أمراً أو نقصت منها شيئاً، أن زوجته عميت، لا أقول ضعف بصرُها بل (عميت) استيقظت من النوم ووجدت نفسها عمياء.
وأرادوا الذهاب لأطباء بغداد من وقتهم للعلاج، ولكن السيد قال: أذهب إلى الطبيب الحقيقي وهو الإمام الكاظم (عليه السلام) وبقي هناك نحو خمس ساعاتٍ، أقسم على الإمام (عليه السلام) أنَّه لن يُغادر الضريح حتى يُشفي زوجته، وفعلاً شافاها الله تعالى من غير الحاجة لتدخل طبيب.
وعسى أن لا يكون شباك الإمام عليه السلام أقلّ مفعولاً من جرعة الدواء وحبّة الاسبرين في شفاء المرضى، بل سبيله سبيل قميص يوسف في شفاء عيني يعقوب (عليهما السلام).
وقد شفى الله تعالى عيني أم أبي أيوب الانصاري ببركة يد النبيّ صلى الله عليه وآله وكانت أول معجزةٍ له – صلى الله عليه وآله – في المدينة.
وببركة يد مريم (عليها السلام) حملت النخلة اليابسة فقوله تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) لم يُرد به بيان التعلق بالأسباب الطبيعية، فهذه أمورٌ فطرية لا تحتاج إلى توضيح، بل لبيان أنَّ يد مريم عليها السلام يدٌ مباركة تُحي ميت النبات كما أحيا عيسى عليه السلام ميت النَّاس، فلقد روى أنها كانت نخلة يابسة لا رأس لها ولا ثمر، وكان الوقت شتاءً فهزتها، فجعل الله تعالى لها رأساً وخوصاً ورطباً، تنبيهاً للناس على أنَّ من كانت يده بهذا الطهر بحيث تصدر عنه الكرامة كيف يُتصوَر فيه الفحش؟ وفي ذلك دلالة على أنَّ من أثمر النخلة من غير لقاح، يُحبّل المرأة من غير زواج، فجعل معجزتها في النخلة من جنس معجزة الله فيها.
وهذا ما يُشعر به جوُّ الآية من حيث تصوير المشهد من النداء الذي من تحتها، وسريّ الماء الذي جعله الله لها، والصوم عن الكلام ثلاثة أيامٍ، فمشهد الآية كله يتحدث عن المعاجز الغيبية ويأتيك من يقول: إنها هزت النخلة لتعلمك العمل بالأسباب! وأنّى لحاملٍ منهكة القوى، متهمةً بشرفها القوة لهزِ نخلة يتساقط منها الثمر؟
وقد رتَّب بعض الفقهاء على هذه المعجزة ثمرةً فقهية: إذا حملت النخلة ثمراً بإعجاز وكانت الشرائط متوفرةً من الملك والنِّصاب ونحوهما: هل عليه زكاةٌ أم لا؟
ولقد سمع الكثير في العتبات المقدسة، ورأى الكثير في المشاهد المشرَّفة مُقعَدِينَ قاموا، وعميان أبصروا، ومرضى شُفوا ببركة التوسل من دون الرجوع إلى طبيب، والذهاب إلى مشفى، فهل نشطب على كلّ هذه الكرامات بجرة قلم زعماً بأن الله تعالى أبى إلا أن يجري الامور بأسبابها في كل حالةٍ حالة؟ فهل صار الله تعالى محتاجاً إلى السبب، فقيراً إلى الشرط في تحقيق الشفاء ؟ فيعود فقيراً بعد دعواه الغِنى؟ حاشَ لله.
وإذا كنا نتحدَّث عن معاجز بعض الائمة (عليهم السلام) دون بعض، فلأنهم نورٌ واحد, وحكم الأمثال فيما يجوز ولا يجوز واحد. فالإمام الرضا (عليه السلام) ينفع ويدفع ولو كره أولاد الحرام، وليس شرط الحرام أن يكون نطفة، فقد يكون لقمة، ومن لم يصدق فليكتب على اليوتيوب (كرامات الامام الرضا) عليه السلام، وسيرى العجب العجاب.
تعليقات
إرسال تعليق