كيف نتعامل مع الشبهات ؟

الشيخ أبو جعفر العاملي



هذا العصر عصر الشبهات، ووسائل التواصل باتت الساحة الأبرز لطرحها وتصديرها. كيف لا وهي التي باتت تعج بأناس لا يتورعون عن الخوض في كل الأمور ولو من دون علم وتحقيق. هذه العوالم الافتراضية منحت منبرا ومصفقين لكل الأشخاص دون تفرقة بين عالم وجاهل، ومتخصص وعامي.


المطالع للشبهات والإشكالات المطروحة لا يخفى عليه أنها على أنواع، منها ما هو قوي قائم على استدلالات تحتاج إلى التأمل والبحث للرد، ومنها ما هو قائم على شبهات وقع بها صاحبها أو أوقع بها جمهوره، ومنها ما هو قائم على الدعاوى المفتراة والكاذبة، وهذا النوع هو الأبرز والأكثر.

في النوعين الأولين قد يبقى احتمال لاشتباه طارح الشبهة، ولكن في النوع الأخير لا يمكننا أن نعذر صاحبها ونحمله على الغفلة، فهو إما جاهل قليل الهمة على البحث متصدٍّ لما هو ليس بأهله، وإما كاذب مفترٍ اعتمد الكذب والتزوير لهدم الدين وإضلال الناس، إما لتحقيق منزلة بينهم، وإما لإرضاء جهات دفعته لذلك.

المسؤولية الكبرى ملقاةٌ على عاتق أهل العلم الذين ينبغي لهم الدفاع عن ثغور العقيدة الحقة، إلا أن ذلك غير متحقق في الواقع،  لأن البعض منهم لم يتحرك حتى الآن لانشغال أو تقاعس، والبعض الذي تصدى لا يستطيع التصدي لكل ما يطرح، لأنه من المعروف أن طرح الشبهة سهل ومتيسر للجميع، (وفي ناس بتعمل 200 شبهة بالتنكة)، بينما الرد يحتاج للبحث والتحقيق وهو ليس متيسرا لغير أهل الاختصاص والبحث.

فكيف يمكن التعامل مع الشبهات من قبل غير أهل العلم؟

من المعروف أن التسليم بالشبهة قبل النظر والفحص لا يبرئ الذمة، ولا يكون المضلل معذورا ما لم يبذل جهده في البحث أو سؤال أهل العلم، فتخيل نفسك أخي أنك اعتقدت بفكرة معينة توجب ضلالك بسبب كذبة أطلقها شخص فأخذت بها دون أدنى تأمل في دعواه وصحته.
إن كنت لا تريد التعلم ولا قوة لك على البحث، فاذهب بشبهتك إلى من تثق به من أهل العلم.
وليس معنى كلامي أن الدين حكر على طلاب الحوزات، فإن هذه الدعوى لو صحت لما كان باب التعلم مفتوحا لكل من أراد، ولما كانت كتب هذا الدين ومصادره متاحة للجميع.

ولكن الدين حكر على العلم، فمن لم يستطع أن يتعلم فليرجع لمن استطاع أن يتعلم وبات عنده القابلية لرد بعض الدعاوى الفاسدة، وبهذا يكون قد أجبر بعض من لا يريد الخوض في هذه المجالات على الخوض فيها واستنقاذ الناس، والله المستعان.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"... أعيادكم كأيامكم" أورد عن الأمير (ع)؟

معنى قوله (ع): كونوا أحرار

كلامٌ حول حديث «المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة»