التباكي
ورد في الروايات فضل التباكي من خشية الله عامة وعلى مُصابِ سيد الشهداء خاصة منها:
عن الامام الصادق عليه السلام : « إن لم تكن بك بكاء فتباك » « إن لم يجئك البكاء فتباك فإن خرج منك مثل رأس الذباب فبخ بخ »[١] .
عن أبي عمارة المنشد عن الإمام الصادق قال : قال لي : « ... يا أبا عمارة ... ومن أنشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة»[٢]
وقد ذكر فقهائنا وعلمائنا في كتبهم الفقهية مسألة التباكي من خشية الله واستحبابها في باب مبطلات الصلاة منها : البكاء لشيء من أمور الدنيا وعلى ظاهر كلماتهم فيه اجماع[٣] ، أمّا البكاء خوفاً من الله تعالى و خشية من عقابه فهو من أفضل الاعمال [٤] كما نصّت عليه النصوص وكذلك التباكي .
- ماهو التباكي ؟
- وهو تكلف البكاء لمن لا يقدر عليه[٥] ، وحمل النفس على البكاء والسعي في تحصيله[٦] اي يجهد نفسه لاجل أن يبكي ، وهو من باب التفاعل وهذا الباب في الأكثر لإظهار صفة ليست موجودة كالتغافل والتجاهل فيكون التباكي ممن يستعد للبكاء [٧] .
- الميرزا النوري والتباكي :
الميرزا النوري في كتابه اللؤلؤ والمرجان بين مفهومين للتباكي لرد على من يتوهم ان التباكي هو تجويز من اهل البيت للرياء في البكاء على سيد الشهداء معتمدين على روايات ثواب التباكي ، الأول هو نفس المعنى الذي ذكرناه ولكن اضاف له بيان جميل ورائع واما الثاني فهو احتمال منه رحمه الله :
« ولا يخفى أن لكلمة «التباكي» الشريفة نظيراً على وزنها وهو «التعاون» ومن هنا يظهر لها معنى آخر يُحتمل أن يكون هو المراد منها وهو أن يُبكي المؤمنون بعضهم بعضاً ، مثلما يفعل اليتامى إذا رحل عنهم أبوهم أو أمهم فإنهم يتحلقون حول بعضهم ويأخذون بتذكر عزيزهم الذي فقدوه فيبدأ كل واحد منهم بذكر ما يعرفه من محاسنه وخصاله الحميدة وما يأتي على خاطره من أفعاله الحسنة أو يستعرض مصائبه وشدة ابتلاءاته ثم يبكون جميعاً ويلطمون صدورهم حزناً عليه ، والحاصل أن المؤمنين جميعاً هم أصحاب المصيبة وأهلها فكل منهم يقرأ للآخر ويبكيه ، ويؤيد هذا المعنى ما جاء في آداب اليوم العاشر من المحرم ، ففي الخبر الشريف المتعرض لذكر زيارة عاشوراء المعروفة أن الإمام الصادق عليه السلام كان يجمع بعد الندب والنوح والبكاء كل من في البيت لإحياء المصيبة بشكل جماعي والتباكي على الإمام الحسين عليه السلام »[٨]
--------------------
[١] الكافي ٢\٤٨٣.
[٢] كامل الزيارات٢٠٩ ، أمالي الصدوق٢٠٥ ، ثواب الأعمال٨٤ .
[٣] ، [٤] مدارك الأحكام ٣\٤٦٦ - ٤٦٧ .
[٥] مسالك الأفهام ١\٢٢٨ .
[٦] مرآة العقول٤\٥٦٩ ط احياء الكتب الاسلامية.
[٧] دستور العلماء باب التاء مع الواو «التواجد» .
[٨] اللؤلؤ والمرجان ٦٦-٦٧ .
تعليقات
إرسال تعليق