في تشيعك لآل محمد: كُن أبا سهل، ولا تكن شلمغانيّاً
من المفارقات في سيرة أصحاب الأئمة عليهم السلام أنّ بعضهم كان يرى طاعته للإمام طاعةً محضةً لله، وبعضهم كان يرى في مرافقة الإمام سبيلاً إلى الدنيا.
حين نُصِب السفير الثالث للإمام الحجة عجل الله فرجه (الحسين بن روح النوبختي) تفاجأ بعض الشيعة، إذ كانوا يظنون أن أمر السفارة لا ينزوي عن أبي سهل النوبختي؛ لأنه الأكثر أهلية بنظرهم، فسُئلَ ذات يومٍ: كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال: «هم أعلم وما اختاروه»، أي أنّه فوّضَ أمر حركته وخدمته للدين بما يحكم به الإمام من آل محمد عليهم السلام، وأنه لا يقول شيئاً في قباله؛ لأنه يعلم أن ما يفعله الإمام فهو في صلاح حاله.
أما الشلمغاني، فقد كان فقيهاً من كبار فقهاء الشيعة، حتى أنّ كتابه «التكليف» كان في معظم بيوت الشيعة، ولكنه كان يرى في الارتباط بالإمام وكتابة العلم سبيلاً إلى الدنيا، ويرى الإمامة من منظور الوكالة والسفارة وقبض الأخماس والتشريفات فقط، فخسر دنياه بمجرد أن سقطَ في امتحان التسليم وصار يترقى في مراتب الضلال حتّى هلك.
والمعنى: عليك بالإخلاص في تشيعك، ولا تجعله مادةً للمساومة بيعاً وشراءً، فما أكثر المشترين، واعلم أنك إذا عملت بإخلاص، سيضعك إمامك في المكان الذي يريد ويرى فيه صلاحاً لك، ولو على رأس جبل بعيد.
فاليوم: لا زالت هذه الفتنة، فتنة الدنيا والأموال والتشريفات تلاحق كل مؤمن، وإما أن يطفئها بماء إيمانه أو تحرقه بنار شيطنتها، وكثير ابتلي بهذا، فكم كان البعض ظاهره خدمة الدين حتى إذا تغيرت بوصلة المال ظهرت نفسه الحقيقية، نعوذ بالله من شر الفتن ونسأله العصمة والثبات حتى يقر عيوننا بالفرج.
تعليقات
إرسال تعليق