هل صحّ "أنت وشيعتك خير البرية"؟

الشيخ أحمد سلمان الأحمدي

سأل أحد الإخوة: هل يصحّ الاحتجاج على المخالفين بحديث (أنت وشيعتك خير البرية)؟

والجواب على ذلك: ما ذكره ليس بحديث عند المخالفين بل هو رواية عن الامام الباقر عليه السلام أخرجها الطبري في تفسيره بسند ضعيف(1)، أما هذا المعنى فهو:

  • أولاً: موجود في كتبنا، بل هو متواتر إذ أن هناك كتبًا تكفلت بجمع هذه الأحاديث ككتاب (فضائل الشيعة) للشيخ الصدوق الذي جمع فيه أكثر من خمسين حديثا في هذا الأمر ومنها كتاب (بشارة المصطفى لشيعة المرتضى) الذي أورد مئات الأحاديث التي ذكر فيها الشيعة على لسان المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم).
  • ثانيًا: وإذا نظرنا الى كتب أهل السنة نجد أن هذه الأحاديث موجودة بكثرة وليست محصورة في هذه الرواية فقط:
- ما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن جابر بن عبد الله، قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأقبل علي بن أبي طالب، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "قد أتاكم أخي"، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثم قال: "والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة"(2).
- وروى الطبراني في المعجم بسنده عن علي (عليه السلام): "إنّ خليلي (صلى الله عليه وسلم) قال: يا علي، انك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ويقدم عليه عدوك غضاب مقمحين ثم جمع علي يده إلى عنقه يريهم كيف الاقماح"(3).
- ونقل السيوطي في الدر المنثور عن ابن عدي بسنده، عن ابن عباس، قال: "لما نزلت ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين"(4).
- وأخرج الطبراني في المعجم الكبير: بسنده عن أبي رافع عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي: "أنت وشيعتك تردون علي الحوض رواء مرويين مبيضة وجوهكم وإنّ عدوّك يردون علي ظماء مقبحين"(5).
- وأخرج الحاكم في المستدرك بسنده عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، قال: "خذوا عني قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا الشجرة وفاطمة فرعها وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرتها وشيعتنا ورقها واصل الشجرة في جنة عدن وسائر ذلك في سائر الجنة"(6).
فهذه خمس روايات تصب في نفس المعنى وما ذكرناه هو من باب المثال وليس الحصر والا لو استقصينا الروايات الواردة في هذا الأمر لاحتجنا الى كتاب كامل لتخريجها ومناقشة أسانيدها.

وقد أزعجت كثرة هذه الروايات صاحب الصواعق المحرقة فلم يستطع دفعها وحاول توجيهها بقوله: "وشيعته هم أهل السنة لأنهم الذين أحبوهم كما أمر الله ورسوله وأما غريهم فأعداؤه في الحقيقة لأن المحبة الخارجة عن الشرع الحائدة عن سنن الهدى هي العداوة الكبرى"(7).

وإن قال قائل أن هذه الروايات بأجمعها ضعيفة، فإننا نقول أن هذه الأخبار بعضها يعضد بعضًا ويكفينا في المقام أن لفظ الشيعة ورد على لسان المصطفى صلى الله عليه وآله بخلاف تسميتهم بالسنة التي لا وجود لها لا في الكتاب ولا في السنة ولا يعرف مبدأ تسميتهم بها، والحمد لله ربّ العالمين.


----------------------
(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (تفسير الطبري) 24: 556.
(2) تاريخ مدينة دمشق 42: 371.
(3) المعجم الأوسط 4: 187.
(4) الدر المنثور: 6: 379.
(5) المعجم الكبير: 1: 319.
(6) المستدرك على الصحيحَين: 3: 160.
(7) الصواعق المحرقة: 236.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"... أعيادكم كأيامكم" أورد عن الأمير (ع)؟

معنى قوله (ع): كونوا أحرار

هل ورد أن "أبا صالح" كنيةٌ للمهدي عج؟