أ روايات ولادة المهدي ضعيفة؟
طُرح سؤال: سمعتُ من عدّة أشخاص أنّ هناك مرجعاً ما قام بتضعيف روايات ولادة الإمام المهدي عليه السلام، فما ردّكم على ذلك؟
والجواب:
☆ لا أعتقد أنّ شخصاً يمكن أنْ يصِل إلى مرتبة المرجعية الدينية ويُشكّك في ولادة الإمام المهدي عليه السلام، ولو من خلال التشكيك والتضعيف للروايات الواردة في ولادته.
⊙ نعم، في الحوزات الدينية، وفي حلقات البحث العلمي والتدريس النظري قد تُطرَح بعض التشكيكات لغرض شحن الأذهان، وتركيز النظريات، أو يحصل تشكيكٌ في مسألة من المسائل الضرورية على تقدير الالتزام بمبنى معيّن في علم الرجال. وحينئذٍ لا يمكن أنْ نقول إنّ صاحب هذا الطرح يُشكّك في تلك المسألة الضرورية أو ينكرها. كما لو قال قائلٌ: إنّه على تقدير الالتزام بالمبنى الرجالي للعالم الفلاني فلا نستطيع حينئذ أنْ نثبت ولادة الإمام المهدي عليه السلام من خلال الروايات.
⊙ ولكن للأسف الشديد هناك مَنْ يطرح هذه الأمور بطريقةٍ استفزازيةٍ استعراضية، يحاول أنْ يُظهِرَ نفسه من خلالها على أساس أنّه المصلح للمذهب والدين، وأنّ غيره يعيش في الخطأ والزلل المعرفي والعلمي، والحال أنّ الأمر لا يكون كذلك؛ فإنّ العالم الذي يدّعي التواتر في الأخبار المفيدة لولادة الحجّة عليه السلام ليس نظره في هذه الدعوى إلى باب مخصوصٍ في كتابٍ مخصوصٍ كالكافي، كي يقال: الروايات المعتبرة في هذا الباب قليلة. فإنّه إذا أجرى أصغر الناس فهماً استقراءاً سريعاً في خصوص الكافي لوجد مجموعةً من الأبواب تدلّ على ولادته عليه السلام صراحةً أو التزاماً يفوق عددها المائة، ففي:
- باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار: (٦) روايات.
- باب في تسمية مَن رآه: (١٥) رواية.
- باب في النهي عن الاسم: (٤) روايات.
- باب نادر في حال الغيبة: (٣) روايات.
- باب في الغيبة: (٣١) رواية.
- باب أنه من عرف إمامه لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أم تأخر: (٧) روايات.
- باب مولد الصاحب: (٣١) رواية.
- باب ما جاء في الإثني عشر: (٢٠) رواية.
فيبلغ مجموع هذه الروايات (١١٧) رواية، فيها الصحيح على جميع المباني، والصحيح على بعضها، والضعيف. هذا فقط في كتاب الكافي، وفيما يرتبط به عليه السلام من الأبواب، فكيف لو أضفنا لها الروايات المتفرقة التي تدل على ولادته بالملازمة العرفية في أبواب أخرى من الكافي نفسه! وكيف إذا ضممنا إليها الروايات المثبتة لولادته في مثل كتاب (غيبة) الطوسي والنعماني، بل وغيرهما من الكتب.
⊙ كما أنّه من السخافة الاقتصار على الأخبار الخاصة التي مفادها الولادة مباشرة، بل يجب ضميمة ما عبّرتُ عنه في بعض البحوث ب(الأخبار العامة) المتواترة عند السنة والشيعة، من قبيل حديث الثقلين، والإثني عشر، وعدم خلّو الأرض من حجّة لله إمّا ظاهراً معلوماً وإما غائباً مستورا. وقد بحثتُ كيفية اقتضاء هذه الأخبار العامة لولادته عليه السلام في روضة حجة المعبود ، فراجع¹.
⊙ ثمّ إنّه بعد تكثّر الأخبار حول ولادته إلى ما يفوق عن المائتين، هل يُصغى إلى المناقشة السندية في بعضها، ألم يذكر هو نفسه في شرحه على حلقات الشهيد الصدر رحمه الله - والذي اعترف مقرّره أنّ معظمه ليس له، كما تشهد بذلك تسجيلات تدريسه لهذا الكتاب أيضاً - أنّه لا يشترط في الأخبار التي يتكوّن منها التواتر في التراكم العددي أنْ تكون صحيحة السند.
عَجَبٌ لَا يَكَادُ يَنْقَضِي...
...........……………………………
¹:يمكنكم الرجوع لروضة حجة المعبود من هنا
https://goo.gl/ywqWgu
تعليقات
إرسال تعليق