الحزن المقدس
لماذا الحزن على شخص مات من 1400سنة؟
لماذا تهدر الطاقات والأموال في الحزن، أليس الأولى توظيفها في مشاريع تفيد المجتمع؟
ألم ينهى القرآن عن الحزن فقال تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)(1) و(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (2)
وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (3)
وقوله تعالى: (يا عباد الله لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون) (4)
وغيرها من الآيات.
بل إننا تجاوزنا عاشوراء حتى صرنا نحي وفيات باقي المعصومين بالأحزان، أليس حري بنا أن ننظر للجانب المشرق دوماً ونتقدم في بناء المجتمع وصنع حضارة؟
أليس هذا الحزن يستنفذ طاقتنا ويؤخرنا ويجعلنا متخلفين عن الحضارة الحديثة؟
وسأجيب عن هذه الأسئلة في عدة نقاط كالآتي:
أولاَ/ الحزن من أرقى فنون التعبير وأصدقها وأكثرها تأثيراً في النفوس، ولذلك نلاحظ السياسيون يستخدمونه كثيراً، كذلك الإعلام يركز على دموع الشخصيات المهمة أكثر من ضحكهم، والناس أيضاً تتأثر بدموعهم أكثر من ضحكهم وقهقهتهم، وذلك لأن لغة الحزن عادةً لغة صادقة مؤثرة تفيض بالمشاعر والأحاسيس، ولذلك فإن فن صناعة الحزن (التراجيديا) فن قديم جداً ومن أرقى الفنون، ولم يكتب فيه أي أحد بل كتب فيه العظماء كأرسطو وويليام شكسبير.
ولذلك أشهر الروايات والمسرحيات والأفلام والمسلسلات ليست الكوميدية بل الحزينة.
ثانياً/ من قال بأن الحزن سبب في التخلف والانتكاسة؟ بل الحزن عامل بناء وقوة، بالذات لو كان هذا الحزن على أمر نبيل وشريف، وأوضح مثال على ذلك بلاد اليابان حيث يُحيي اليابانيون ذكرى قنبلة هيروشيما وناكازاكي، فكم فيلم ومسلسل سينمائي وكرتوني أنتجته يتحدث عن الحرب؟ وكم وكم فعلت تخليداً لهذه النكبة الحزينة والمفجعة للشعب الياباني إلى يومنا هذا، وبالمقابل لا يختلف اثنان أن اليابان اليوم من أفضل الدول في التقدم العلمي والحضاري، فلماذا لم يبقهم حزنهم بين حطام الهزيمة؟ ولماذا لم يلمهم أحد على حزنهم أو يسخر منهم؟ بل بالعكس الناس تتعاطف معهم وتمدح حزنهم.
كذلك أمريكا لطالما تخلد ذكرى جنودها في فيتنام والعراق، وأنتجت عشرات الأفلام السينمائية حولهما، ولطالما تذكر قضية 11 سبتمبر كحادثة حزينة ومروعة، ولم يلمهم أحد على ذلك، ولم تكن هذه القضايا سبباً في تخلفهم عن التقدم العلمي.
ولم يحدد أحد الحزن بزمن، بل كل ما زادت المصيبة قوة ازدادت حرارتها في النفوس، فلاحظ كيف تأثر المسيح كثيراً بعد عرض فيلم آلام المسيح وحصلت ضجة إعلامية على قضية مضى عليها أكثر من 2000 سنة ولم يلمهم أحد على ذلك.
ثالثاً/ من قال أن الحزن هو سبب تأخرنا وتخلفنا وقد ذكرنا كيف تقدمت اليابان بالحزن، بل إن الحزن على الحسين (ع) كان حافزاً لتطوير الكثير من الفنون الراقية نذكر بعضها كالآتي:
1- الأدب الحسيني:وهو من أرقى أنواع الأدب العربي حيث أثرى الساحة الأدبية بلون شعري يفيض بالعاطفة والحزن، فمن يشكك في شاعرية السيد الحميري أو دعبل الخزاعي أو الشريف الرضي(5) أو السيد حيدر الحلي(6) أو السيد جعفر الحلي أو محمد مهدي الجواهري(7) أو جابر الكاظمي وقد رثوا الحسين عليه السلام بأفضل المعلقات.
وقد حث الأئمة الأطهار على تخليد هذه الواقعة بهذا الفن العربي العريق الذي لطالما افتخرت به العرب وهو الشعر، فورد عن إمامنا الرضا (ع) : (ما قال فينا مؤمن شعرا يمدحنا به إلا بنى الله تعالى له مدينة في الجنة أوسع من الدنيا سبع مرات يزوره فيها كل ملك مقرب وكل نبي مرسل)(8)
2- فن الصوت: فالأئمة شجعوا أيضاً تطوير فن الصوت حيث جاء في الرواية عن أبي هارون المكفوف قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: أنشدني، فأنشدته فقال: لا، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره ( وهنا موضع الشاهد حيث أراد الإمام أن ينشد
الأبيات مع تلحينها بصوت شجي حزين) ، فأنشدته:
أمرر على جدث الحسين * فقل لأعظمه الزكية.
قال: فلما بكى أمسكت أنا فقال: مر فمررت، قال: ثم قال: زدني قال: فأنشدته:
يا مريم قومي واندبي مولاك * وعلى الحسين فأسعدي ببكاك
قال: فبكى وتهايج النساء قال: فلما أن سكتن قال لي: يا با هارون من أنشد في الحسين فأبكى عشرة [فله الجنة] ثم جعل ينتقص واحدا واحدا حتى بلغ الواحد فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنة ثم قال:
من ذكره فبكى فله الجنة.(9)
وبذلك تطور النعي على الحسين عليه السلام إلى الكثير من الأطوار الشجية وتنافس أصحاب الحناجر لرثائه حتى أحيوا الألحان التراثية، وابتكروا الكثير من الألحان الشجية.
3-فن المسرح: فقد تجاوز الأمر من التشابيه إلى السينما فنجد عدة مسلسلات متعلقة بحادثة عاشوراء أشهرها مؤخراً المسلسل الإيراني المختار الثقفي، وبغض النظر عن موافقة تفاصيله للتاريخ إلا أنه إنتاج ضخم قائم على الحزن وفيه مشاهد من واقعة الطف.
4-فن الرسم: حيث يتبارى الرسامون لرسم لوحات تعبر عن واقعة الطف وتصور ريشة الرسام الدماء الطاهرة بأبهى صورة، بل وتجاوزوا الرسم فشكّلوا أجمل المجسمات والأعمال الحرفية التي تحاكي عاشوراء.
5-فن الخطابة: فبما أن المنابر تقام لإبكاء الناس فإن الخطباء يتنافسون لصياغة الكلمات الصادقة الحزينة التي تؤثر في نفوس الحاضرين وتدر دموعهم.
6-استخدام التكنولوجيا الحديثة: كاستخدام برامج الفوتوشوب وغيرها لصنع صورة مؤثرة محاكية لواقعة الطف.
وفوق ذلك فإن هذا الحزن كان ولازال محركاً للباحثين من الشيعة وغير الشيعة بل حتى غير المسلمين ليبحث في التاريخ حول قضية الحسين (ع) وكل ما يرتبط بها والأبحاث العلمية والتاريخية حول عاشوراء لازالت مستمرة حتى أثرت المكتبات بمئات الكتب من مختلف اللغات.
إذن هذا الحزن حرك العقول والطاقات وأنتج العديد من الفنون الجميلة البديعة، التي لم تكن لولا هذا الحزن المقدس.
رابعاً/ القرآن لم يذم الحزن مطلقاً بل شجع على الحزن في مواضع أخرى حيث قال تعالى في يعقوب: (وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ (85) قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)(10) فلو كان حزنه مذموماً لذمه القرآن ولكنه حزن محمود حيث قال( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) هذا ويعقوب يبكي على ابنه النبي الغائب المظلوم، فكيف بإمامنا السجاد (ع) الذي يبكي على سيد شباب أهل الجنة المقتول ظلماً عطشاناً؟ فأين يوسف من الحسين عليهما السلام؟ وأين رزية يوسف (ع) من رزية الحسين(ع)؟
فلماذا تعميم الحزن مطلقاً؟
أما آيات النهي عن الحزن سنناقشها آية آية ونرى هل تنهى عن الحزن مطلقاً أم في موارد محددة؟
الآية الأولى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) الآية جاءت في مورد تحفيز المسلمين على المشركين كما أنها تنهى عن الوهن والحزن أي الحزن الذي فيه ضعف وتبشرهم بالنصر حيث تقول: (وأنتم الأعلون) أي الظافرون المنصورون، فالآية تعد المؤمنين بالنصر.
الآية الثانية: (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ومعناه فعل بكم هذا الغم لئلا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة ولا تتركوا أمر النبي –صلى الله عليه وآله-، ولئلا تحزنوا على ما أصابكم من الشدائد في سبيل الله، وليكن غمكم بأن خالفتم النبي فقط. (11) فالآية هنا تتكلم عن حال المسلمين في أحد وليس النهي عن الحزن مطلقاً بل مقيد في أمر معين.
فخطاب الآيتان إذن في مقام الحرب، حيث يجب على المسلمين عدم إظهار الحزن والهوان في الحرب.
الآية الثالثة: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) الآية هنا تبشر المؤمنين بحسن العاقبة فتطمئنهم بأن لا يخافوا من المستقبل ولا يحزنوا على ما يفوتهم وتتمة الآية توضح ذلك حيث يقول تعالى: (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)
الآية الرابعة: (يا عباد الله لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون) هذه الآية تتحدث عن حال المؤمنين يوم القيامة حيث تقارن بينهم وبين الظالمين وذلك واضح من السياق (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (66) الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) فلاحظ الآيات التي قبلها وبعدها ولاحظ لفظ (يوم أليم) و( يومئذ) حيث تشير كلها ليوم القيامة وليس للدنيا.
خامساً/ نعم إذا راجعنا التاريخ وراجعنا النصوص الشريفة نعلم أن أهل البيت عليهم السلام تعمدوا تخليد قضية الحسين بشتى الطرق ومنها الحزن، ولولا ذلك لما وصلنا منها شيء فهي من أكثر القضايا التاريخية التي حوربت إعلامياً محاربة شديدة وواجهت تضليل إعلامي منذ يومها الأول، فقال قائلهم الحسين خرج عن أمر ربه فقتل بسيف جده، وقال آخر هؤلاء خوارج، ولحد اليوم لازالت هذه الواقعة محاربة وأنت يامن تعترض عليها مصداق لمن يحاربها، فلا أدري ما يضرك من البكاء على شخص بعظمة أبي عبد الله الحسين عليه السلام؟ الذي مات لأجل مبادئ شريفة سامية وسطر أشرف ملحمة من دمائه الزكية الطاهرة؟
إن العين لتبكي عليه لا إرادياً لمصابه الجلل كما قال الشاعر:
تبكيك عيني لا لأجل مثوبةً لكنما عيني لأجلك باكية(12)
ولأجل الحفاظ على قدسية هذه الدماء الطاهرة والمبادئ التي سفكت لأجلها، حافظ الأئمة الأطهار عليها وخلدوها بأرقى أنواع الفن وهو فن الحزن فوردت الروايات الشريفة في فضل الجزع والبكاء بل وحتى التباكي لمصاب أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فورد:
1-عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال: قال الرضا عليه السلام: (من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا، كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)(13)
2-عن أبي هارون المكفوف، قال: قال أبو عبد الله عليه السّلام ــ في حديث طويل لـه ــ: (ومن ذكر الحسين عليه السّلام عنده فخرج من عينيه من الدموع مقدار جناح ذباب، كان ثوابه على الله عزّ وجلّ، ولم يرض له بدون الجنّة) (14)
3-عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقول: (أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السّلام حتّى تسيل على خدّه بوّأه الله تعالى بها في الجنّة غرفاً يسكنها أحقاباً، وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتّى تسيل على خدّه فيما مسّنا من الأذى من عدوّنا في الدنيا بوّأه الله في الجنّة مبوّأ صدق، وأيّما مؤمن مسّه أذى فينا فدمعت عيناه حتّى تسيل على خدّه من مضاضة أوذي فينا، صرف الله عن وجهه الأذى، وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار).(15)
4-وعن الريّان بن شبيب أن الإمام الرضا عليه السّلام قال له:
يا ابن شبيب! إن كنتَ باكياً لشيءٍ فابكِ للحسين بن عليّ عليهما السّلام؛ فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لَهُم في الأرض شبيهون. ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله -إلى أن قال- :
يا ابن شبيب! إن بكيتَ على الحسين عليه السّلام حتّى تصير دموعك على خدّيك غفر الله لك كلّ ذنب أذنبتَه؛ صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً.
يا ابن شبيب! إنْ سَرَّك أن تلقى الله عزّوجلّ ولا ذنب عليك فَزُر الحسين عليه السّلام. يا ابن شبيب! إن سَرَّك أن تسكن الغرف المبنيّة في الجنّة مع النبيّ «صلّى الله عليه وآله» وآلهِ فالعَنْ قتلة الحسين.
يا ابن شبيب! إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لِمَن استُشهد مع الحسين فقل متى ما ذكرتَه: يا ليتني كنتُ معهم فأفوزَ فوزاً عظيماً!
يا ابن شبيب! إن سَرَّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجِنان فاحزَنْ لحزننا، وافرَحْ لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أنّ رجلاً أحبّ حَجراً لحشره الله معه يوم القيامة.(16)
5-وفي صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله(ع) أنه قال في حديث: (كل جزع مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين عليه السلام)(17)
6-وجاء في التباكي عن أبي عبد الله (ع) في حديث: (ومن أنشد الحسين (ع) شعراً فبكى فله الجنة، ومن أنشد في الحسين شعراً فتباكى فله الجنة)(18)
والروايات في هذا الشأن كثيرة جداً قد تصل لحد التواتر وقد ذكرت نزراً يسير منها، ولم يجعل الله هذا الثواب الجزيل والجزاء العظيم لفضل الحزن على الحسين (ع) إلا لعظم القضية التي ضحى لأجلها بدمائه الزكية.
سادساً/ بالنسبة إلى امتداد الحزن حتى على باقي الأئمة عليهم السلام، فنفس النتاج الذي ظهر في قضية الحسين (ع) كذلك امتد لباقي الأئمة لإحياء مظلوميتهم وسننهم، وماذا نصنع إن كان أئمتنا قتلوا وشرّدوا وظلموا؟ وقد ورد عن الصادق (ع) (نفس المهموم لنا تسبيح، وهمه لنا عبادة)(19)
هل نفرح ونطرب على هذا التاريخ؟ هل نرقص على هذه الجراح؟
أم الأجدر بنا أن نجعل من هذا الحزن مصدر قوة ودافع لإحياء المبادئ التي ضحى لأجلها الحسين عليه السلام، فالحسين قتل لأجل الإصلاح في أمة جده والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهل نحن مقتدين بنهجه الإصلاحي؟ هل نطبق الشريعة كما أراد؟ أليس حريٌ بنا أن نؤسس حضارة قائمة على مبادئ الحسين (ع) تمهد لظهور منقذ البشرية عجل الله فرجه الشريف؟
ــــــــــــــــــــــــــــ
1-آل عمران139.
2- آل عمران 153.
3- فصلت30.
4-الزخرف68.
5- مدحه الكثير فراجع تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ٢ ص ٢٤٦ والبداية والنهاية ج ١٢ ص٣٠.
6-راجع ترجمته في الأعلام للزركلي ج2ص29.
7-هو ليس شاعراً حسينياً ولكن له قصيدة عينية يرثي بها الحسين (ع) من روائع الشعر يقول بمطلعها: فداءً لمثواك من مضجعِ تنور بالأبلج الأروعِ
8-عيون أخبار الرضا (ع).
9- كامل الزيارات ص ١٠٦.
10- سورة يوسف 84-86
11- مجمع البيان ج8ص232
12-هذا البيت من قصيدة المشهورة بالقصيدة المقبولة للشاعر الكبير الشيخ محمد علي الأعسم رحمه الله مطلعها:
قد أوهنت لجدي الديارُ الخالية من أهلها ما للديارِ وماليه.
13- أمالي الصدوق المجلس 17
14- كامل الزيارات: ٢٠٢، باب ٣٢
15- ثواب الأعمال: ١١٠
16- عيون أخبار الرضا (ع)
17- وسائل الشيعة916-2
18- كامل الزيارات 209الباب(33)
19- مجالس المفيد وأمالي الطوسي.
احسنتم بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء أجوبة جميلة وجوهرية زادك الله توفيقا وبركة وسعادة يارب العالمين
ردحذفأحسنت أحسنت الطرح والمقال رزقنا الله وإياكم شفاعة الحسين عليه السلام
ردحذف