دع الخلق للخالق
حين ترى شخصاً يجاهر بمعصية وتدفعك غيرتك على الدين باستنكار فعله بقول: هذا حرام، تجد البعض يبادر بقول عبارة: (دع الخلق للخالق) ظناً منه أنه جاء بالبرهان القاطع والحجة الدامغة على أن وظيفتك السكوت، وهذا الأمر بدأ يتفشى وينتشر وكأن هذه العبارة آية منزلة، وهنا نناقش هذه العبارة في النقاط التالية:
1-مصدرها
2-مضمونها
3- مخالفتها للنصوص الدينية
أولاً: مصدر العبارة:
ليس لهذه العبارة مصدر في كتب الشيعة، بل ولا حتى في الكتب الحديثية لأهل السنة، فالعبارة لا مصدر حديثي لها فلا قيمة قدسية لها.
ثانيا: مناقشة مضمون العبارة:
فلعل قائل يقول أن العبارة وإن لم يكن لها مصدر ديني إلا أنها سليمة وموافقة لواقع الدين وسماحته.
فنقول: إن قائل العبارة غالباً يريدك أن تدع الخلق للخالق أي اترك نهي مرتكب المعصية على الله بينما الخالق يقول في كتابه (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[ سورة آل عمران: 110] ويقول في آية ثانية (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[ سورة آل عمران: 104] وفي آية ثالثة (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة آل عمران: 114] وفي آية رابعة: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[ سورة التوبة : 71]
فهذه أربع آيات لماذا نغفل عنها ونكون كمن قال فيه عز وجل (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [سورة محمد: 24].
فلعل قائل يقول أن العبارة وإن لم يكن لها مصدر ديني إلا أنها سليمة وموافقة لواقع الدين وسماحته.
فنقول: إن قائل العبارة غالباً يريدك أن تدع الخلق للخالق أي اترك نهي مرتكب المعصية على الله بينما الخالق يقول في كتابه (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[ سورة آل عمران: 110] ويقول في آية ثانية (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[ سورة آل عمران: 104] وفي آية ثالثة (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة آل عمران: 114] وفي آية رابعة: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[ سورة التوبة : 71]
فهذه أربع آيات لماذا نغفل عنها ونكون كمن قال فيه عز وجل (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [سورة محمد: 24].
ثالثا: مخالفتها للنصوص الدينية
حين يرى قائل العبارة أنها تخالف صريح القرآن يبرز الهوى والأنا في خطابه فيصبح مصداقاً لقوله تعالى: (وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا)[ سورة الكهف آية 54] فيبدأ بالجدل والتملّص ويكون مصداقاً لقوله تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) [سورة البقرة آية 85]
فيستشهد بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[ سورة المائدة آية 105] أو قوله تعالى: (لا إكراه في الدين)[ سورة البقرة آية: 256]
وهنا نجيب نقضاً وحلاً:
أما النقض: فنحن لدينا آيات صريحة في مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فماذا نصنع بها؟
هل نتركها لنكون مصداقاً لقوله تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)؟
أما الحل: من يلاحظ ألفاظ الآيات وسياقها يعرف أنها لا تعارض آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل هي تتحدث عن أمر آخر.
فأما الآية الأولى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) فالآية التي قبلها جاء فيها: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)
فالخطاب موجه للمؤمنين بأن ضلال من ضل من آبائهم لا يضرهم، فالآية توجب بأن المطيع لربه لا يؤاخذ بذنوب العاصي، ومن أراد الاستزادة ليراجع تفسير مجمع البيان للطبرسي (قده) حيث ذكر عده وجوه للآية [تفسير مجمع البيان للطبرسي ج3ص253].
أما قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) فسأكتفي بنقل جواب سماحة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده) حيث يقول: "ويسيء البعض فهم القرآن الكريم في هذه الآية (لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي) فيظن أن القرآن كفل للإنسان حرية التديّن وعدمه ومنع من الإكراه عليه أخذاً بمبدأ الحرية الشخصية الذي تؤمن به الحضارات الحديثة. ولكن هذا خطأ لأن الإسلام الذي جاء لتحرير الإنسان من عبودية الأصنام على أساس التوحيد لا يمكن أن يأذن للإنسان بالتنازل عن أساس حريته والانغماس في عبوديات الأرض وأصنامها، كما أن الإسلام لا يعتبر عقيدة التوحيد مسألة سلوك شخصي خاص كما ترى الحضارات الغربية بل هي القاعدة الأساسية لكيانه الحضاري كله، فكما لا يمكن للديمقراطية الغربية مهما آمنت بالحرية الشخصية أن تسمح للأفراد بمناوأة فكرة الحرية نفسها وتبني أفكاراً فاشستية دكتاتورية كذلك لا يمكن للإسلام أن يقر أي تمرد على قاعدته الرئيسية.
وإنما يهدف القرآن الكريم حيث ينفي الإكراه في الدين إلى أن الرشد قد تبين من الغي والحق تميز عن الضلال فلا حاجة إلى إكراه مادام المنار واضحاً والحجة قائمة والفرق بين الظلام والنور لائحاً لكل أحد، بل لا يمكن الإكراه على الدين لأن الدين ليس كلمات جامدة ترددها الشفاه ولا طقوساً تقليدية تؤدّيها العضلات وإنما هو عقيدة وكيان ومنهج تفكير".[ بحوث إسلامية ص46و47]
ويزيد السيد الطباطبائي (قده) في تفسيره الميزان معلقًا على تتمة الآية (قد تبين الرشد من الغي) قائلاً: "والدين لما انكشفت حقائقه واتضح طريقه بالبيانات الإلهية الموضحة بالسنة النبوية فقد تبين أن الدين رشد والرشد في اتباعه، والغي في تركه والرغبة عنه، وعلى هذا لا موجب لأن يكره أحد أحداً على الدين. وهذه إحدى الآيات الدالة على أن الإسلام لم يبتن على السيف والدم".[ تفسير الميزان ج2 ص347]
حين يرى قائل العبارة أنها تخالف صريح القرآن يبرز الهوى والأنا في خطابه فيصبح مصداقاً لقوله تعالى: (وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا)[ سورة الكهف آية 54] فيبدأ بالجدل والتملّص ويكون مصداقاً لقوله تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) [سورة البقرة آية 85]
فيستشهد بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)[ سورة المائدة آية 105] أو قوله تعالى: (لا إكراه في الدين)[ سورة البقرة آية: 256]
وهنا نجيب نقضاً وحلاً:
أما النقض: فنحن لدينا آيات صريحة في مشروعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فماذا نصنع بها؟
هل نتركها لنكون مصداقاً لقوله تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)؟
أما الحل: من يلاحظ ألفاظ الآيات وسياقها يعرف أنها لا تعارض آيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل هي تتحدث عن أمر آخر.
فأما الآية الأولى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) فالآية التي قبلها جاء فيها: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ)
فالخطاب موجه للمؤمنين بأن ضلال من ضل من آبائهم لا يضرهم، فالآية توجب بأن المطيع لربه لا يؤاخذ بذنوب العاصي، ومن أراد الاستزادة ليراجع تفسير مجمع البيان للطبرسي (قده) حيث ذكر عده وجوه للآية [تفسير مجمع البيان للطبرسي ج3ص253].
أما قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) فسأكتفي بنقل جواب سماحة السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده) حيث يقول: "ويسيء البعض فهم القرآن الكريم في هذه الآية (لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي) فيظن أن القرآن كفل للإنسان حرية التديّن وعدمه ومنع من الإكراه عليه أخذاً بمبدأ الحرية الشخصية الذي تؤمن به الحضارات الحديثة. ولكن هذا خطأ لأن الإسلام الذي جاء لتحرير الإنسان من عبودية الأصنام على أساس التوحيد لا يمكن أن يأذن للإنسان بالتنازل عن أساس حريته والانغماس في عبوديات الأرض وأصنامها، كما أن الإسلام لا يعتبر عقيدة التوحيد مسألة سلوك شخصي خاص كما ترى الحضارات الغربية بل هي القاعدة الأساسية لكيانه الحضاري كله، فكما لا يمكن للديمقراطية الغربية مهما آمنت بالحرية الشخصية أن تسمح للأفراد بمناوأة فكرة الحرية نفسها وتبني أفكاراً فاشستية دكتاتورية كذلك لا يمكن للإسلام أن يقر أي تمرد على قاعدته الرئيسية.
وإنما يهدف القرآن الكريم حيث ينفي الإكراه في الدين إلى أن الرشد قد تبين من الغي والحق تميز عن الضلال فلا حاجة إلى إكراه مادام المنار واضحاً والحجة قائمة والفرق بين الظلام والنور لائحاً لكل أحد، بل لا يمكن الإكراه على الدين لأن الدين ليس كلمات جامدة ترددها الشفاه ولا طقوساً تقليدية تؤدّيها العضلات وإنما هو عقيدة وكيان ومنهج تفكير".[ بحوث إسلامية ص46و47]
ويزيد السيد الطباطبائي (قده) في تفسيره الميزان معلقًا على تتمة الآية (قد تبين الرشد من الغي) قائلاً: "والدين لما انكشفت حقائقه واتضح طريقه بالبيانات الإلهية الموضحة بالسنة النبوية فقد تبين أن الدين رشد والرشد في اتباعه، والغي في تركه والرغبة عنه، وعلى هذا لا موجب لأن يكره أحد أحداً على الدين. وهذه إحدى الآيات الدالة على أن الإسلام لم يبتن على السيف والدم".[ تفسير الميزان ج2 ص347]
وهنا لفتة عجيبة حيث إن قائل عبارة: (دع الخلق للخالق) إذا وصل لطريق مسدود في الحوار وانقطعت حجته الواهية يلجأ لسلاح تفريغ الأمر من محتواه واعتباره مجرد مضيعة للوقت لا فائدة منه، وكأن الأمر مجرد قضية عابرة لا تضر من يسكت عنها، ولكن إذا راجعنا القرآن نجد فيه جواباً لذلك في قصة أهل السبت حيث تذكر الآيات ثلاثة أقسام للقوم كالتالي:
1- فرقة ظالمة، وهي التي لجأت إلى الاحتيال في صيد الأسماك فتجاوزت حكم الله، واقترفت المعصية (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)
2- فرقة ناطقة، وهي التي تحملت مسؤولية قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فوعظت العصاة، وحذرت من مغبة ارتكاب ذلك العمل (قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
3- فرقة ساكتة، وهي التي امتنعت عن الصيد، ولكنها تركت العصاة وشأنهم، فلم تنصح لهم أو تزجرهم، بل اكتفت بموقف المتفرج، الذي لا يبالي بما يحدث، طلباً للراحة، أو خوفاً على مصالحه الذاتية (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)
وسياق الآيات كالآتي: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ)[ سورة الأعراف: 163- 166]
وفي الآيات دلالة أن الناجين كانوا هم الناهون عن السوء فقط، وقد هلك الباقون من المصطادين وغيرهم التاركين للوعظ، وما ذلك إلا لأنها خصّت النجاة بالناهين ولم يذكر غيرهم شيئاً (أنجينا الذين ينهون عن السوء).
وفي الآية دلالة على سنة إلهية عامة، وهي أن عدم ردع الظالمين عن ظلمهم بما يمكن هو مشاركة معهم في ظلمهم، وأن الأخذ الإلهي الشديد كما يرصد الظالمين كذلك يرصد مشاركيهم في ظلمهم. [نقلاً عن القصص القرآنية ج2 ص504-506 وتفسير الميزان بتصرف]
وفي الآية دلالة على سنة إلهية عامة، وهي أن عدم ردع الظالمين عن ظلمهم بما يمكن هو مشاركة معهم في ظلمهم، وأن الأخذ الإلهي الشديد كما يرصد الظالمين كذلك يرصد مشاركيهم في ظلمهم. [نقلاً عن القصص القرآنية ج2 ص504-506 وتفسير الميزان بتصرف]
وقد ابتلينا في زماننا بأناس لسان حالهم: أحب الفاسقين ولست منهم، فتراه لا يفعل الفسق لكنه يستأنس بفعلهم ويردع الذي ينهاهم عن المنكر بعناوين الغرب البراقة المغلفة بالدعوة إلى الحرية، فإن كانت الفرقة الساكتة من أصحاب السبت شملها العقاب وهي تعترف بذنب الصيادين (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) فما سيكون حال الذين بزماننا وهم يستأنسون لفعل العصاة حيث ينطبق عليهم قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[سورة النور: 19]
وبعد استعراض الآيات القرآنية نذكر الشواهد من الروايات مع العلم بأن البعض يرد كل رواية لا تعجبه بحجة كونها موضوعة أو ضعيفة، ولعله لم يقرأ في حياته كتاباً حديثياً ولم يسمع بعلم الدراية أو الرجال، فتعمدت الاستشهاد بالقرآن أولاً ثم تأييده بالروايات:
الرواية الأولى: عن جابر عن أبو جعفر (عليه السلام): (أوحى الله إلى شعيب النبي (عليه السلام) أني معذب من قومك مائة ألف، أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم فقال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار!؟ فأوحى الله عز وجل: أنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي) [الكافي الشريف ج9 ص 484 ط دار الحديث]
فلاحظ أن عدد المعذبين من المداهنين أكثر من الفاعلين.
الرواية الثانية: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله عز وجل ليبغض المؤمن الضعيف الذي لادين له، فقيل له: وما المؤمن الذي لا دين له؟، قال: الذي لا ينهى عن المنكر) [الكافي الشريف ج 9ص 494 ط دار الحديث]
والروايات كثيرة اكتفي بهاتين طلباً للاختصار.
وأقول أخيراً نصيحة لمن غلبته شهوته للميل إلى المعاصي: إثم اقترافك الذنب بينك وبين ربك مغفرته أسهل من إثم الإصرار على الذنب وتشجيع الناس عليه، فلا تحمل أوزارهم واتق الله، فإن كنا ندعي انتظار فرج صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف، فيجب أن تكون أعمالنا موافقة للقرآن والعترة، وليست وليدة الهوى والشهوة، لنكون مصداقاً لانتظار للفرج.
احسنتم النشروبارك الله فيك معلومات مفيده ..وكان سعيكم مشكورا...
ردحذفنشكرك على هذا المقال واتمنى تستمر بنقد المواضيع الدخيلة على مجتمعاتنا الاسلامية
ردحذف