مع البزبوز في مقاله التلفيقي ( شِعاراتٌ تُرفَعُ و أهْواءٌ تُتَّبَعْ )






🔸كتب البزبوز مقالا ادعى فيه أن السيد منير الخباز  حفظه الله صاحب خطاب تلفيقي حيث قال : 
( هو الأقدر على النهوض بالمدرسة التلفيقية التي تطرح الأفكار القديمة في ثوب حديث يبهر السامعين لكنني لا أخفيكم قناعتي أنه صاحب خطاب تلفيقي ).
منطلقا من عناصر أساسية ثلاث وجدها في مقطع مرئي للسيد حفظه الله تحت عنوان أساسيات النقد الهادف[١] .

والجواب :

ذكر ابن منظور في لسان العرب :
لفَّقَ: أحاديث ملفقة أي أكاذيب مزخرفة [٢].

تشكل الحركة النقدية عنصرا أساسيا و فاعلا في النمو و الازدهار و التطور المعرفي و السلوكي وهي تسعى إلى تقويم و تقديم الأفضل في شتى المجالات وليست الحركة النقدية  بدعا من الأمور ولا مستثناة من الضوابط بل هي خاضعة للمنهجية العلمية و الموضوعية والأدوات المعرفية التي تأتي ثمارها وفوائدها المرجوة و إلا تحولت إلى عبث وفوضى.
.........................................

🔸السيد منير الخباز و النقد :

تحدث سماحة السيد ( أطال الله عمره ) في أكثر من موضع وخلال سنوات متعددة حول موضوع النقد و قد أشبعه بحثا وبيانا ومنها:

١- ذكر في محاضرة له ( حفظه الله ) تحت عنوان مجتمعنا و المجتمع الرشيد [٣] :
أن المجتمع الرشيد هو الذي يدعو إلى الخير وله معالم وملامح وهي :
🔹استثمار الطاقات وتنميتها و النهوض بها
🔹التركيز على الأولويات و الاهتمام بالقضايا الكبرى
🔹النقد في إطار التحفيز و التشجيع و الانطلاق لمستقبل زاهر

٢- ذكر في محاضرة له ( حفظه الله ) تحت عنوان
النقد بين الضرورة و الإشكالية [ ٤ ]:
🔹حث القرآن الكريم على التربية النقدية واستدل
بقوله تعالى :﴿الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ أُولئِكَ الَّذينَ هَداهُمُ اللَّهُ وَأُولئِكَ هُم أُولُو الأَلبابِ﴾ [٥].

وقد بين أن ضرورة النقد نابعة من جهتين:
🔹الوصول إلى الحقيقة.
🔹التطوير فرع النقد.

معرجا على مساحة النقد وحدوده حيث ذكر حدين :
🔹أن لا جدوى للنقد في القضايا الضرورية من الدين أو المذهب وهي التي قامت الأدلة العقلية الواضحة على ثبوتها
🔹أن لا يكون النقد مصدرا للفتنة الفكرية.

موضحا أن النقد الذي يدعو إليه هو النقد البناء بركائزه:
🔹الكفاءة والمقدرة العلمية
🔹الاستقامة إذا كان النقد لقضايا عملية فعلى الناقد أن يكون ملتزما بما يدعو إليه.
🔹 أن لا يتحول النقد إلى مرض
🔹الالتزام بأدب النقد وعدم هتك الحرمات مع التنويه إلى المنهج القرآني في استخدام الشدة مع المروجين للفسق و المنكرات لمنع تأثر المجتمع بخطرهم الفكري و السلوكي.
.........................................

🔸 البزبوز و إشكالاته التلفيقية: 

سجل الكاتب المذكور نتيجة ( ظلم بها نفسه ) تجاه خطاب السيد منير الخباز حفظه الله المتنوع في طرحه و المثري في معلوماته والممتد لأكثر من ٣٠ عام أنه تلفيقي منطلقا من مقطع مدته ٦ دقائق تحت عنوان أساسيات النقد الهادف حيث بنى نتيجته على عناصر  ثلاثة:

🔸 أن السيد يشترط الثقافة بمعنى التخصص في النقد وهذا يكرس الطبقية وهو مشروع تجهيل للأفراد.
🔹الجواب : أن السيد منير ( أنار الله برهانه ) أشار إلى حاجة المجتمع للنقد الهادف و ليس الهادم .
حيث شجع النقد بثقافة وعلم واطلاع و إلمام في أي مجال فيزيائيا أو أدبيا أو دينيا وأن يكون النقد بعلم لا مجرد ثرثرة مستندا إلى قوله تعالى: ﴿وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا﴾ [٦].
وقوله تعالى : ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيطانٍ مَريدٍ﴾ [٧].
إذ من البديهي أن من يريد الحديث في أي فكرة فعليه الإحاطة بجوانبها و مصادرها و ما يرتبط في التأثير على النتيجة.

🔹واللطيف أن البزبوز احتج بعدم الحاجة إلى التخصص في علم الفلك للحديث في جزئية كروية الأرض .

وقد غاب عنه أن للعلم مراتب ومنها ما يتم إدراكه دون الحاجة للتخصص و منها ما يجب التخصص فيه للحديث عنه.

فلا يحتاج الإنسان إلى التخصص لتحديد ما إذا كان الطريق مستويا أو متعرجا أو يعاني من الحفر و التشققات.

🔴 لكنه بلا شك بحاجة إلى تعلم مبادئ الهندسة المدنية و التعمق في هندسة الطرق و الاطلاع على الأدلة والاشتراطات والمواصفات الخاصة بنظام تصميم الخلطة الاسفلتية ومعاييرها وخصائصها والنسب المسموح بها للتفاوت في التحكم الحقلي والتقسيم الحراري و المروري المستخدم في المنطقة ومتطلبات اعتماد الرابط الاسفلتي ( superpave) [٨] !

🔸أن السيد يشترط الاستقامة ولا ربط للأفكار بالإيمان الديني و الاستقامة وفي الجامعات لن ترفض أفكارك العلمية لسبب تعبدي أو أخلاقي.
🔹الجواب : أن سماحة السيد حفظه الله طرح الاستقامة ( كما أشرنا سابقا ) إذا كان النقد لموقف عملي سلوكي ليكون مؤثرا في التطوير و التغيير و أبلغ للحجة بحيث يتحول النقد من التنظير إلى الواقعية ولم يطرح الاستقامة كشرط إذا كان النقد للمعلومات فالفرق واضح بين نقد المواقف ونقد المعلومات النظرية
واستدل بقوله تعالى : ﴿وَمَن أَحسَنُ قَولًا مِمَّن دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحًا وَقالَ إِنَّني مِنَ المُسلِمينَ﴾ [٩].
ولكن الكاتب البزبوز قام بتجيير و حرف ما ذكره السيد إلى الاستقامة كجزء من النقد النظري بشكل فج حيث خلق اشكالا مبنيا على باطل مخالف للواقع وقام بترتيب اثر عليه ( وما بني على باطل فهو باطل ).

🔸أن السيد يلوح في وجه المثقفين و الأكاديميين بأنهم مرضى و هي حرب نفسية جاهلية كاتهام الرسول ص بالجنون .
🔹الجواب : أن هذا افتراء واضح وبين وتحميل لكلام السيد حفظه الله ما لا يحتمل إذ  أنه ( دامت بركاته ) دعا إلى الهادفية في النقد كحالة صحية و وسيلة لتوصل الإنسان إلى الأحسن لا النقد المَرَضِي الذي يتحول إلى غاية تقتل المواهب و الإبداع و التجديد لتحطيم الآخرين.
وهنا يتضح أن السيد لم يتعرض لتصنيف فئة على أنهم مرضى لمنعهم و حجرهم عن النقد و لم يشر أو يلوح أو يذكر أو ينعت المثقفين و الأكاديمين و الناقدين بالمرضى.
.........................................

🔸المنير داعية إلى الله : 

🔹 بهذه العناصر الهشة وعلى ضوء هذه التخبطات الواضحة وبهذه القراءة المجتزأة و المحرفة للمعاني نسج البزبوز مقاله التلفيقي تحت ستار الوعي و الثقافة رافعا شعار النقد والحرية مدعيا ثقته مما هو مطلع عليه وعارفا بعمق عيوب المؤسسة الدينية ، متجاوزا كل منهج علمي يدعو إلى الموضوعية في النقل و التحليل القراءة الكاملة لخطاب امتد لأكثر من ٣٠ عاما وقافزا فوق كل ثابت من ثوابت النقد و التصويب ليكشف ( وحيث لا جديد ) صورة نمطية متكررة لأدعياء التنوير و التصحيح والعيال على العلم والثقافة في اتهام لا يخلو من الحزبية و الفئوية تابعا آثار من كان قبله بشعارات ترفع و أهواء تُتَّبَعْ!

🔹 أفكان من العدل و الإنصاف و الموضوعية و الحصافة أن يتم اختزال خطاب أنتج و أعطى و قدم و أثرى الساحة بما يتجاوز ال ٣٠ عام أكثر من ١٠ الاف محاضرة متنوعة تناول فيها القضايا العقائدية و الفكرية و الثقافية و الروحية و التربوية و التاريخية و الاجتماعية والحكم عليه من خلال مقطع في ٦ دقائق!

إن المطلع على تراث هذا العالم الجليل و السيد النبيل والمتابع لنتاجه بعين الإنصاف و الموضوعية يجد أن منهجه في التعامل مع العلوم الحديثة و النظريات العلمية في الفيزياء و الرياضيات و علم الاجتماع و علم النفس و غيرها من العلوم هو باثبات القضايا المسلمة و الثابتة في الفكر الإسلامي ( وهو ذاته منهج السيد الشهيد الصدر و الشهيد المطهري قدس الله أرواحهم )

🔸وما نقموا من المنير إلا ثلاثا :

🔹 دعوته إلى الالتفاف حول المرجعية الرشيدة [١٠]
 و الالتزام بتوجيهاتها و نشره لعطائها مؤكدا على أن لها القيادة و الزعامة و أن مراجعنا العظام مثال ومظاهر للعلم و الورع و التقوى وعناوين للتفقه و النظر و الأمانة حيث أفنى الفقهاء الأجلاء أعمارهم في تربية الفضلاء و المجتهدين وتشييد علوم الدين و رعاية المؤمنين ليكون هذا الخط صمام أمان للمجتمع الشيعي بممارستها دورها الفاعل و المؤثر الأمر الذي اقض مضاجعهم و زلزل أركانهم و قطع الطريق أمام طموحاتهم و بدد أوهامهم و أحلامهم.
حتى خرج هذا الحنق وظهرت هذه النقمة على فلتات لسانه حيث قال : ( نمط تفكيره ووعيه هو التلفيقي ، لكن الرجل مؤمن بما يقول ، مؤمن بمدرسته التقليدية التي تربى على أفكارها ).

🔹رفضه الاندماج في مشروع الانسلاخ العقائدي وتقديم التنازلات المخجلة باسم الوحدة و التعايش حيث دعا حفظه الله إلى وحدة إسلامية و تعايش وطني منطلقا من فكر أهل البيت عليهم السلام [١١] وفق المعايير و الموازين الشرعية دون الانبطاح لأرباب الفكر المتحجر و التملق إلى اصحاب الأحكام المعلبة و المسبقة.

🔹 غزير علمه  وعلو مكانته وعظم منزلته و جلالة قدره في الحوزة العلمية والمجتمع حيث وفقه الله عز وجل وحفته الرحمة النبوية وفيوضات أهل البيت عليهم السلام أن مالت له قلوب المؤمنين و أفئدتهم بعطائه وفكره وتواضعه وحسن خلقه حتى غدا خطابه يجول الآفاق شرقا و غربا ، في حين اتخذ غيره من اسم أب أو جد أو أسرة مطية للصعود على اكتاف المجتمع ولجأ آخرون إلى وجهاء المال والطعام في تحقيق للمصالح و تصفية الحسابات وسلك بعضهم مسالك الفتنة والفوضى والشذوذ طمعا في البروز و الظهور.

🔹حتى أجرى الله عز وجل شهادة بذلك على لسان و أقلام بعض أصحاب الخلفيات المأزومة و المشاغبات الحزبية مكرهين مرغمين لا يرون من ذلك مهربا و لا مفرا حيث قال صاحب المقال التلفيقي:
( من الشخصيات العظيمة في قطيفنا الحبيبة سماحة السيد منير الخباز حفظه الله ، و هو قامة علمية قائمة بذاتها ، ليست بحاجة للتزكية مني و لا من أحد منا ، دأبها العلمي و مثابرتها فرضتها في الساحة كرقم صعب ، يتفوق على الكثير من الأكاديمين و أمثاله في حوزاتنا الدينية قليل).
.........................................

🔸 في الختام : إن النقد الهادف و الفاعل و المؤثر هو ذلك الذي يبنى على أسس و منهجية علمية تقود إلى مستقبل زاهر مشرق يغذي الفكر و يطور الواقع ومن المحزن أن يسير البعض نحو العبث والخلط و إثارة الفوضى و البلبة  مستغلة عنوان النقد و رافعة لشعاره في انحراف عن المقاصد و الأهداف الشريفة.

داعين المولى لنا ولهم التوفيق للهداية و العمل الصالح و حسن الخاتمة بحق محمد و آل بيته الطيبين الطاهرين.






.........................................
المصادر:

[١] مقطع مرئي بعنوان : إشراقات ح ٢ أساسيات النقد الهادف
https://m.youtube.com/watch?v=IqJPUH2dj-s
[٢] لسان العرب ج١٠ ص ٣٣١
[٣] محاضرة بعنوان : مجتمعنا و المجتمع الرشيد
http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=1267
[٤] محاضرة بعنوان : النقد بين الإشكالية و الضرورة
http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=339
[٥] سورة الزمر : ١٨
[٦] سورة الإسراء : ٣٦
[٧] سورة الحج : ٣
[٨] نظام تصميم الخلطة الاسفلتية الساخنة
وزارة النقل
https://www.mot.gov.sa/ar-sa/Documents/نظام%20تصميم%20الخلطات%20الاسفلتية%20الساخنة.pdf
[٩] سورة فصلت : ٣٣
[١٠] راجع كتاب معالم المرجعية الرشيدة
http://www.almoneer.org/index.php?act=books&action=view&id=9
[١١] راجع محاضرة بعنوان مبدأ المواطنة في النظام الإسلامي
http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=782
ومحاضرة كلام حول الوحدة الإسلامية
http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=247

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"... أعيادكم كأيامكم" أورد عن الأمير (ع)؟

معنى قوله (ع): كونوا أحرار

كلامٌ حول حديث «المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة»