بشارة السماء (٤): طول عمر الإمام (عج)


السؤال: سمعت مقطعاً للشيخ المغامسي على اليوتيوب، يقول فيه: بحكم العقل لا يمكننا أن ننكر طول عمر المهدي، لكن هذا يحتاج إلى دليل خاص به، أخرجنا الدجال بدليل خاص، وأخرجنا إبليس بدليل خاص، وأخرجنا المسيح بدليل خاص، ولا يوجد لدينا دليل واحد نخرج به المهدي.

الجواب: يمكن إثبات وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) حياً في زماننا هذا من خلال عدة مسالك، أذكر منها:

المسلك الأول: بالنقاش في إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذ إن إمامة ووجود صاحب الزمان (عليه السلام) فرعٌ عن أصلٍ، وتثبيت إمامة آبائه يُفضي إلى الإذعان بإمامته.

المسلك الثاني: من خلال نظرةٍ جامعةٍ لبعض الأحاديث الصحيحة في كتب أهل السنة والجماعة يمكن استنباط ضرورة وجود أئمة من قريش تبقى إمامتهم إلى يوم القيامة، وتفصيل الأحاديث المنظورة كالتالي:
١. حديث الاثني عشر خليفة كلهم من قريش، وقد أشرتُ إلى صحته في مقالٍ سابق.
٢. حديث آخر ولفظه: (الخلافة في قريش إلى قيام الساعة) رواه ابن أبي عاصم في السنة، وقال الألباني: (إسناده جيّد).
٣. حديث آخر ولفظه: (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان)، رواه مسلم في صحيحه، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه، وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأحمد في مسنده وقال المحقق الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده، وقال المحقق حسين سليم أسد: (إسناده صحيح)..

وهذه الأحاديث تشيرُ إلى أن خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) هم اثنا عشر خليفة من قريش، ومدّة خلافة هؤلاء في عهد الإسلام إلى قيام الساعة وانتهاء البشريّة، وإلا فإن كانت خلافة الخلفاء القرشيين ممتدّة إلى قيام الساعة وفقاً للمنظور العاديّ فإنه لا بد أن يكون آلاف الخلفاء وحينها لا معنى لتخصيص العدد بـ(١٢)..
والحديث الثالث أكثرُ صراحةً في كون الخلافة المقصودة هي إمامة أهل البيت عليهم السلام؛ لأنه إخبارٌ عن بقاء الخلافة في قريش إلى فناء البشرية وقيام الساعة، وهذا هذا لا ينطبق الآن إلا عليهم، أما ما سواهم، فقد اتّخذوا خلفاءَ من العرب غير القرشيين بل ومن العجم، بل لم تبقَ خلافة حيث قُضي عليها، فكيف سينطبق عندهم مفهوم خلافة اثني عشر قرشي وتبقى خلافة القرشيين عندهم إلى قيام الساعة؟! 
فالأئمة عندنا اثنا عشر، وهم قرشيّون، وخلافتهم باقية إلى قيام الساعة، أما وفقاً للمنهج الذي يعتمده الطرف المقابل فقد رأينا اضطرابهم الشديد في تفسير حديث الخلفاء الاثني عشر من قريش، وعدم إمكان تطبيق الحديث الثالث على ما عندهم، فإنّ القيد عندهم قد انتقض بخلافة غير القرشيّ بل بزوال الخلافة.
والحاصل: إنّ الظاهر من مجموع الأحاديث هو خلافةُ اثني عشر خليفة من قريش وتبقى الخلافة في قريش بهم إلى قيام الساعة، وهذا ينطبقُ على أئمتنا، ولازمه القول ببقاء وجود الإمام الثاني عشر، وإلا انتقضت هذه القيود عندنا وعندهم، فيكون كلام النبي (صلى الله عليه وآله) لغواً، وهذا محال.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"... أعيادكم كأيامكم" أورد عن الأمير (ع)؟

معنى قوله (ع): كونوا أحرار

هل ورد أن "أبا صالح" كنيةٌ للمهدي عج؟