أهل الكوفة وعلاقتهم بقتل الحسين (ع) [4/3]
| الأمر الرابع: من هم الذين شاركوا في قتال الحسين (عليه السلام)؟
من أهم المغالطات التي يركّز عليها أعداء أهل البيت (عليهم السلام) ويُشَنِّعون بها على مذهب التشيُّع هو أنَّ أهل الكوفة (الشيعة) هم أنفسهم مَن قتل الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء!!
وهذه من المغالطات الفاضحة التي يتستّر بها الحاقدون للنيل من أهل البيت (عليهم السلام) قبل النيل من شيعتهم المخلصين لهم؛ فإنهم يريدون أن يقولوا بأنه إذا ثبت أنّ الشيعة هم من قتل الإمام (عليه السلام)، فهو دليلٌ قاطعٌ على بطلان مذهبهم، وهذا أحد الأهداف الرئيسة من هذه المغالطة، بالإضافة إلى تبرئة ساحة يزيد –المحسوب على السنة ولو نظريًا(1)- من جريمة فاجعة كربلاء.
ومِمَّا مرَّ من شواهد على أن الكوفة كانوا على مذاهبَ متعدِّدة وأنَّ من بينهم أهل السنة والجماعة، يتبيَّن –على أقل التقادير، ومع التنزُّل- أنَّ الذين شاركوا في قتل الإمام الشهيد (عليه السلام) هم كلّ الطوائف.
ثمّ إنه يمكن دفع هذه المغالطة بذكر أمور عدة:
أولاً:
معنى التشيُّع هو الاعتقاد بإمامة أهل البيت (عليهم السلام) ووجوب طاعتهم طاعةً مطلقة، وأنَّ محاربتهم واستحلال دمائهم يُخرج الشخص من الإسلام فضلاً عن التشيُّع، فكلُّ من شارك في قتل الإمام (عليه السلام) –حتى على فرض أنه كان شيعيًا بالاسم إن صحّ التعبير-، فإنه يخرج من التشيُّع بلا شكٍ ولا ريب بمجرّد مشاركته في قتال الإمام الحسين (عليه السلام).
فنحن الشيعة نبرأ من دين ومذهب كل شخصٍ شارك أو أعان على قتال الإمام (عليه السلام)، ونطالب أصحاب المذاهب الأخرى بالتبرؤ الصريح من دين أولئك الجماعة المارقة الفاسقة، وليس الهجوم على مذهب أهل البيت (عليهم السلام) الذين أحدهم الإمام الحسين (عليه السلام).
ثانيًا:
وهو المهم هنا، عندما ننظر إلى قيادات الجيش والآمرين والشخصيات المهمة المشاركة في جيش ابن سعد، فسوف نرى أنه لم يكن واحدٌ منهم شيعيًا –حتى على المستوى الظاهري-، بل هم إما خوارج، وإما من أصحاب المذاهب الأخرى، وإليك أسماء بعض هؤلاء القتلة:
1. خليفة الفاسقين يزيد بن معاوية (لعنه الله)
وهو الآمر الرئيس بقتل الإمام (عليه السلام) بمجرد وصوله إلى السلطة، فقد أمر والي المدينة بأخذ البيعة من الإمام وإن أبى فليضرب عنقه(2)، وبعد خروج الإمام (عليه السلام) إلى مكة المكرمة أرسل يزيد (لعنه الله) ثلاثين شيطانًا من شياطين بني أمية لقتل الإمام (عليه السلام) وإن كان متعلقًا بأستار الكعبة، وبعد مقتل الإمام (عليه السلام) بكربلاء أُرسِلت الرؤوس وبنات رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) إلى يزيد بالشام لتبشيره بقتل الحسين (عليه السلام)، وحصل الاحتفال بذلك، ثمّ لما خاف يزيد من الفضيحة بعد أن عرف الناس أن هؤلاء هم أهل بيت النبي (صلَّى الله عليه وآله) حاول إظهار الندم الكاذب، وألقى باللائمة على ابن زياد.
ومن الواضح أنّ يزيد قبل قتل الإمام (عليه السلام) كان –ظاهرًا- يمثّل أهل السنة، وكان هو الخليفة الشرعي حسب نظرهم، وقد بايعوه، فبعد فعلته الشنيعة إما أن يعتبروه خارجًا من الدين، أو أنّه باقٍ على مذهب أهل السنة، وعلى كلا الحالتَين، فهل يجوز لنا نحن الشيعة أن نلقي باللائمة على مذهب السنة والجماعة؟ خصوصًا أن الذي نصّب يزيد ومهّد له الخلافة هو أبوه معاوية إمام السنة والجماعة، بل إنّ مصطلح السنة والجماعة ما نشأ إلا بناءً على ما يُدَّعى من أنه بالصلح بين الإمام الحسن (عليه السلام) وبين معاوية اجتمع أمر المسلمين، فسُمّي ذلك العام عام الجماعة!(3).
2. والي الكوفة عبيدالله بن زياد (لعنه الله)
هو الآمر المباشر بقتل الحسين (عليه السلام)، ونقل الدينوري في الأخبار الطِوال: "وورد كتاب ابن زياد على عمر بن سعد، أنْ امنع الحسين وأصحابَه الماءَ، فلا يذوقوا منه حسوة كما فعلوا بالتقي عثمان بن عفان"(4)، وعبارة ابن زياد هذه تبيّن توجهه المذهبي، فهو لم يكن محسوبًا لا على الشيعة ولا على الخوارج، فما هو مذهبه؟!
وقد كان (لعنه الله) شديدًا على مَن يتخلَّف عن قتال الحسين (عليه السلام)، ففي الأخبار الطِوال أنه: "كان ابن زياد إذا وجّه الرجل إلى قتال الحسين في الجمع الكثير، يصلون إلى كربلاء، ولم يبقَ منهم إلا القليل، كانوا يكرهون قتال الحسين، فيرتدعون ويتخلّفون. فبعث ابن ُزيادٍ سويدَ بن عبدالرحمن المنقري في خيلٍ إلى الكوفة، وأمره أن يطوف بها، فمن وجده قد تخلّف أتاه به، فبينا هو يطوف في أحياء الكوفة إذ وجد رجلاً من أهل الشام قد كان قدم الكوفة في طلب ميراثٍ له، فأرسل به إلى ابن زياد، فأمر به، فضربت عنقه، فلما رأى الناس ذلك خرجوا، قالوا: وورد كتاب ابن زيادٍ على عمر بن سعد، أن امنع الحسين وأصحابه الماء، فلا يذوقوا منه حسوة كما فعلوا بالتقي عثمان بن عفان. فلمّا ورد على عمر بن سعد ذلك، أمر عمرو بن الحجاج أن يسير في خمسمائة راكب، فينيخ على الشريعة، ويحولوا بين الحسين وأصحابه، وبين الماء، وذلك قبل مقتله بثلاثة أيام، فمكث أصحاب الحسين عطاشى"(5).
وفي أمالي الصدوق: "فبلغ عبيدالله بن زياد أن عمر بن سعد يسامر الحسين (عليه السلام) ويحدّثه ويكره قتاله، فوجّه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس، وكتب إلى عمر بن سعد: إذا أتاك كتابي هذا، فلا تمهلن الحسين بن علي، وخذ بكظمه، وحُل بين الماء وبينه، كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار"(6).
3. قائد جيش ابن زياد عمر بن سعد (لعنه الله)
وهو ابن الصحابي سعد بن أبي وقّاص، وبسبب أنه يُنسَب إليه قتل الحسين (عليه السلام) باعتباره أمير الجيش، نفى وثاقته بعض أهل الرجال، فقد روى المزي والرازي عن أبي بكر بن أبي خيثمة أنه قال: "سألت يحيى بن معين عن عمر بن سعد، أ ثقةٌ هو؟ فقال: كيف يكون من قتل الحسين بن عليى (رضي الله عنه) ثقةً!"(7).
نعم، قال العجلي (م261) في ترجمة ابن سعد: "عمر بن سعد بن أبي وقّاص، مدنيٌ ثقة، كان يروي عن أبيه أحاديث وروى الناس عنه، وهو الذي قتل الحسين، قلت: كان أمير الجيش ولم يباشر قتله"(8)، وهذا عذرٌ أقبح من ذنب، فعلى هذا المنطق لا يؤثَم ملكٌ ولا وزيرٌ ولا قائدٌ في قتل أحد، بل المسؤول هو المباشر للقتل فقط!!
وروى الدينوري في قصة مسلم بن عقيل في مجلس ابن زياد لما أُخِذَ أسيرًا أنه قال مسلم لابن زياد: "(فإن كنتَ مزمعًا على قتلي، فدعني أوصي إلى بعض من هاهنا من قومي)، قال له: (أوصِ بما شئت)، فنظر إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال له: (اخلُ معي في طرف هذا البيت حتى أوصي إليك، فليس في القوم أقرب إليّ ولا أولى بي منك)، فتنحّى معه ناحيةً، فقال له: (أ تقبل وصيتي؟)، قال: (نعم)، قال مسلم: (إن عليّ هاهنا دَينًا، مقدار ألف درهم، فاقضِ عنّي، وإذا أنا قتلت، فاستوهب من ابن زيادٍ جثتي لئلا يُمثِّل بها، وابعث إلى الحسين بن علي رسولاً قاصدًا من قِبَلك، يعلمه حالي، وما صرت إليه من غدر هؤلاء الذين يزعمون أنهم شيعته، وأخبره بما كان من نكثهم بعد أن بايعني منهم ثمانية عشر ألف رجل، لينصرف إلى حرم الله، فيقيم به، ولا يغترّ بأهل الكوفة) –وقد كان مسلم كتب إلى الحسين أن يقدم ولا يلبث-، فقال له عمر بن سعد: (لك عليّ ذلك كله، وأنا به زعيم)، فانصرفَ إلى ابن زيادٍ، فأخبره بكل ما أوصى به إليه مسلم، فقال له ابن زيادٍ: (قد أسأت في إفشائك ما أسرّه إليك، وقد قيل: إنه لا يخونك إلا الأمين، وربما ائتمنك الخائن)(9).
وعلى كلّ حال، فعمر بن سعد يتحمّل مسؤوليةً مباشرةً في قتل الإمام (عليه السلام)، وكانت الأوامر المباشرة تصدر منه، وقد قال (لعنه الله) يوم عاشوراء "يا خيلَ الله اركبي وأبشري"(10)، وهذا هو منطق الطغاة إلى زماننا هذا حينما ينسبون أفعالهم إلى الدين وتأييد الله (تعالى)!
4. الشمر بن ذي الجوشن (لعنه الله)
وكان له دورٌ كبيرٌ جدًا في كربلاء، وبرز اسمه بشكلٍ واضحٍ، وكان من المتحمّسين لقتال الحسين (عليه السلام)، وقد كان (لعنه الله) يحرِّض ابن زياد ذلك أشدَّ التحريض، والمعروف والمشهور أنه –عليه لعائن الله- هو الذي باشر قتل الحسين (عليه السلام) بعد أن جثا على صدره.
5. شبث بن ربعي (لعنه الله)
كان من قواد الجيش في صف ابن سعد في ألف فارس(11)، وكان متقلّب الحال منافقًا، قال عنه الزركشي في الأعلام: "شبث بن ربعي التميمي اليربوعي، أبو عبدالقدوس: شيخ مضر وأهل الكوفة في أيامه، أدرك عصر النبوة، ولحق بسجاح المتنبئة، ثم عاد إلى الإسلام، وثار على عثمان، وكان مِمَّن قاتل الحسين ثم ولي شرطة الكوفة وخرج مع المختار الثقفي، ثم انقلب عليه"(12).
ولذلك لا يُقبَل قول الذهبي في قوله عنه أنه: كان مِمَّن خرج على عليٍ، وأنكر عليه التحكيم، ثم تاب وأناب"(13)؛ فإنه لم يتب، كيف وقد قال فيه أمير المؤمنين (عليه السلام): "(لئن كان مع رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) منافقون، فإنَّ معي منافقون وأنتم هم، أما والله يا شبث بن ربعي وأنت يا عمرو بن حريث ومحمد ابنك أنت يا أشعث بن قيس، لتقتلنّ ابني الحسين (عليه السلام)! هكذا حدَّثني حبيبي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، فالويل لِمَن رسول الله خصمه وفاطمة بنت محمد). فلمّا قُتِل الحسين بن علي (عليهما السلام) كان شبث بن ربعي وعمرو بن حريث ومحمد بن الأشعث فيمن سار إليه من الكوفة وقاتلوه بكربلاء حتى قتلوه، وكان هذا من دلائله"(14).
وعن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: (جُدِّدَت أربعة مساجد بالكوفة؛ فرحًا لقتل الحسين (عليه السلام): مسجد الأشعث، ومسجد جرير، ومسجد سماك، ومسجد شبث بن ربعي)، وعن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: (إنَّ أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) نهى بالكوفة عن الصلاة في خمسة مساجد: مسجد الأشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبدالله البجلي، ومسجد سماك بن مخرمة، ومسجد شبث بن ربعي، ومسجد التيم)(15).
وشبث هو من قوّاد الخوارج، بل أوّل من حرَّر الحروراء(16)، ومن المبغضين لعليٍ (عليه السلام)(17)، وهو مِمَّن كتب للحسين (عليه السلام) من أهل الكوفة، وقد ذكّره الإمام (عليه السلام) يوم عاشوراء بذلك(18)، وبعد هذا يُعلَم أنه إذا وُصِفَ هذ اللعين أنه من الشيعة، فإنه يعتبر جنايةً على التاريخ.
وكان (لعنه الله) يعرف الحق ويعترف أنه بقتاله الحسين (عليه السلام) يكون ضالاً، وقد نقل ابن مخنف عن أبي زهير العبسي أنه قال: "فأنا سمعته –أي شبث- في إمارة مصعب يقول: (لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرًا أبدًا، ولا يُسَدِّدهم لرشد، أ لا تعجبون أنّا قاتلنا مع علي بن أبي طالب، ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين، ثم عَدَونا على ابنه وهو خير أهل الأرض، نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية، ضلال يا لك من ضلال"(19).
6. موقفان آخران
الأول: ما رواه المفيد في الإرشاد وأبو مخنف والطبري –واللفظ للأول- أنه: "برز نافع بن هلال -من أصحاب الحسين (عليه السلام) الشهداء- وهو يقول:
(أنا ابن هلال البجلي
أنا على دين علي)
أنا على دين علي)
فبرز إليه مزاحم بن حريث، فقال له: (أنا على دين عثمان)، فقال له نافع: (أنت على دين شيطان)، وحمل عليه فقتله، فصاح عمرو بن الحجاج بالناس: (يا حمقى، أ تدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان أهل المصر، وتقاتلون قومًا مستميتين، لا يبرز إليهم منكم أحد، فإنهم قليل، وقلّما يبقون، والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم!)، فقال عمر بن سعد: (صدقت، الرأي ما رأيت، فأرسل في الناس من يعزم عليهم ألاّ يبارز رجلٌ منكم رجلاً منهم)، ثم حمل عمرو بن الحجاج في أصحابه على الحسين (عليه السلام)"(20).
والثاني: ما رواه أبو منخف، عن الحسين بن عقبة المرادي: "قال الزبيدي: إنه سمع عمرو بن الحجاج حين دنا من أصحاب الحسين يقول: (يا أهل الكوفة، الزموا طاعتكم وجماعتكم، ولا ترتابوا في قتل من مَرَق من الدين وخالف الإمام)، فقال له الحسين: (يا عمرو بن الحجاج، أ عليَّ تُحَرِّض الناس! أ نحن مرقنا من الدين وأنتم ثبتُّم عليه! أما والله لتعلمنّ لو قد قُبِضَت أرواحكم ومُتُّم على أعمالكم أيُّنا مرق من الدين، ومن هو أولى بصليِّ النار)"(21).
ومن هذين الموقفَين وغيرهما يُعلَم توجُّه مَن كان في جيش ابن سعد، وخلاصة القول في هذه النقطة أنّ قيادات الجيش الذي حارب الإمام الحسين (عليه السلام) كلها تنتمي دينيًا إلى مذاهب أخرى غير الشيعة، فكيف يصحُّ لمنصفٍ حينئذٍ أن يتهم الشيعة بارتكاب تلك الجريمة الشنعاء؟!!
ثالثًا: وصف الحسين لِمَن شارك في قتاله
لا يشكُّ مسلمٌ على وجه الأرض في أن الحسين (عليه السلام) هو سيد شباب أهل الجنة، وأنّه صادق القول، فلنرَ بماذا وصف جيش ابن سعدٍ بالوصف الذي يدلُّ على توجههم الديني:
روى ابن أعثم وابن طلحة الشافعي أن الإمام الحسين (عليه السلام): "دعا إلى البِراز، فلم يزل يقتل كلّ من خرج إليه من عيون الرجال حتى قتل منهم مقتلةً عظيمة، قال: وتقدَّم الشمر بن ذي الجوشن (لعنه الله) –في قبيلةٍ عظيمة-، فقاتلهم الحسين بأجمعهم وقاتلوه حتى حالوا بينه وبين رَحلِه، قال: فصاح بهم الحسين [عليه السلام]: (ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين وكنتم تخافون المعاد، فكونوا أحرارًا في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم أعوانًا [كما] تزعمون).
وفي المقابل أنشد (عليه السلام) –قبل قوله المتقدم- بعد أن تقدَّم لجيش ابن سعد حتى وقف قبالة القوم وسيفه مصلت في يده وأنشأ من نفسه عازمًا على الموت وهو يقول:
أنا ابن علي الخير من آل هاشم
كفاني بهذا مفخر حين أفخر
كفاني بهذا مفخر حين أفخر
وجدي رسول الله أكرم من مشى
ونحن سراج الله في الخلق يزهر
ونحن سراج الله في الخلق يزهر
وفاطمةٌ أمي سلالة أحمد
وعمي يُدعى ذا الجناحين جعفر
وعمي يُدعى ذا الجناحين جعفر
وفينا كتاب الله أُنزِل صادقًا
وفينا الهدى والوحي والخير يذكر
وفينا الهدى والوحي والخير يذكر
ونحن أمان الأرض للناس كلهم
نصول بهذا في الأنام ونفخر
نصول بهذا في الأنام ونفخر
ونحن ولاة الحوض نسقي ولاتنا
بكأس رسول الله ما ليس ينكر
بكأس رسول الله ما ليس ينكر
وشيعتنا في الناس أكرم شيعةٍ
ومبغضنا يوم القيامة يخسرُ(22)
ومبغضنا يوم القيامة يخسرُ(22)
وينبغي هنا القول بأن أهل الكوفة وإن كان فيها شيعة، إلا أنه لم يشارك أحدٌ منهم في معسكر ابن زياد أصلاً، فقد كان كثيرٌ منهم في السجون، وكان بعضهم أخذه الخوف من بطش ابن زياد فلم ينضم إلى الإمام (عليه السلام) وقد تقدم شِدة ابن زياد على أهل الكوفة، ومِمَّا يؤكد هذا المعنى تأخر حبيب بن مظاهر الأسدي في الخروج لنصرة الحسين (عليه السلام)، ثم خرج خلسةً؛ لأنه لم يكن يُسمَح لأحدٍ أن يلتحق بالإمام (عليه السلام) في كربلاء، فقد كان جيش ابن زياد محكم السيطرة على المنطقة.
نعم، من لم يحاول الخروج فإنه مذنبٌ وآثم؛ لأن نصرة المعصوم واجبةٌ على كل فرد، ومن ثمّ صارت ثورة التوّابين والظاهر أنهم من الشيعة بالمعنى الخاص، وهم الذين لم ينصروا الإمام (عليه السلام)، فاعتبروا ذلك معصيةً كبيرةً، فثاروا على بني أمية بعد مقتل الحسين (عليه السلام).
----------------------
(1) طبعًا كثير من علماء العامة، بل ربما الأكثر، على تفسيق يزيد، بل وتكفيره، ولكن بناءً على الجانب النظري، فيزيد يظهر نفسه أنه امتدادٌ لمعاوية ومن سبقه من الخلفاء، وأنه على نفس مذهبهم، نعم الوهابية يرون يزيد من خلفاء السلف ويترضّون عليه، ولمعرفة رأي العامة في يزيد يمكن مراجعة مقالنا (يزيد في كلام علماء الإسلام).
(2) راجع: الإرشاد للمفيد: ج2، ص32.
(3) التمهيد لابن عبدالبر: ج19، ص241، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج28، ص35.
(4) الأخبار الطوال لابن الدينوري: ص254-255.
(5) المصدر السابق.
(6) أمالي الصدوق: ص220.
(7) تهذيب الكمال للمزي: ج21، ص360، والجرح والتعديل للرازي: ج6، ص111.
(8) معرفة الثقات: ج2، ص166.
(9) الأخبار الطوال لابن الدينوري: ص241.
(10) الإرشاد للشيخ المفيد: ج2، ص89، والبداية والنهاية لابن كثير: ج8، ص190.
(11) أمالي الصدوق: 219.
(12) الأعلام لخير الدين الزركلي: ج3، ص154.
(13) سير أعلام النبلاء للذهبي: ج3، ص150.
(14) تفسير أبي حمزة الثمالي: ص235، الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي: ج1، ص226.
(15) الكافي: ج3، ص490.
(16) حروراء هي المكان الذي عسكر فيه الخوارج أول أمرهم، راجع: تاريخ خليفة بن خياط: ص144، والثقات للعجلي: ج1، ص448، وأنساب الأشراف للبلاذري: ص342.
(17) تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر: ج42، ص533.
(18) روضة الواعظين للفتال النيسابوري: ص127، والاختصاص للمفيد: ج2، ص98.
(19) مقتل الحسين لأبي مخنف: ص139.
(20) الإرشاد: ج2، ص103، ومقتل الحسين لأبي مخنف: ص136، وتاريخ الطبري: ج4، ص331.
(21) مقتل الحسين لأبي مخنف: ص136، وعن أبي مخنف: تاريخ الطبري: ج4، ص331.
(22) كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي:ج5، ص116-117، ومطالب السؤول في مناقب آل الرسول لابن طلحة الشافعي: ص402.
تعليقات
إرسال تعليق