ياسر عودة، وأسرع تحقيق في علم الدراية!
![]() |
الشيخ إبراهيم جواد |
وردت إلى المتحدث في المقطع [المرفق] رواية منسوبة للإمام الصادق (عليه السلام) مفادها أنَّ من قال (يا علي) كُتبَ له ثواب 16000 ختمة قرآن، ومن ثمَّ حكمَ بأنَّها روايةٌ موضوعة اختلقها الصفويّون.
ولنا هنا تعليق يسير:
إنَّ مضمون الرواية بهذا المقدار غريبٌ جداً على لحن روايات الأئمة (عليهم السلام)، ومع ذلك فقد بحثنا عن الرواية فلم نجدها إلا في صفحات فيسبوكيَّة وذكرت مصادر للرواية، مثل: بحار الأنوار، شرح إحقاق الحق، ولم نجد الرواية فيها، بل لم نجد الرواية في كتب الحديث مطلقاً، لا سيَّما الكتب الجوامع التي أُلفت في العهد الصفوي كـ(بحار الأنوار) للشيخ العلامة الخبير محمد باقر المجلسيّ و(وسائل الشيعة) للشيخ المحدث الفقيه محمد بن الحسن الحر العامليّ، فمن العجيب والغريب أن يُطلقَ حكمٌ على الصفويين باختلاق هذه الرواية مع أنَّه لا يملك دليلاً على وجود الرواية في كتابٍ يعودُ إلى العهد الصفويِّ، فضلاً عن دليلٍ خاصٍّ يدلُّ على أنَّ أحد السلاطين الصفويين قام بوضعها.
وهنا كلمة حول كذبة [وضع الحديث في العهد الصفوي]:
إنَّ الدولة الصفوية بدأت في القرن العاشر، ولم يترك أي سلطانٍ من سلاطينها كتاباً واحداً في الحديث أو الفقه، وإنما كانت المصنفات الشيعية تُكتب على يد علماء الطائفة الأجلاء في ذلك الوقت كالشيخ البهائي والمجلسي الأول والمجلسي الثاني والمحقق الكركي والحر العاملي، وهؤلاء بلغوا من الوثاقة والعدالة ما يوجب إجلالهم عن أن يكونوا كذّابين وضاعين للحديث لإرضاء السلاطين، بل كان لبعضهم اعتراضات شديدة على السلاطين ونهي عن بعض المنكرات، وأما كذبة أنَّ الصفويين كانوا يقتلون كل من لا يقول (يا علي) فلا دليل عليها، وكثير من الأخبار حول الدولة الصفويَّة هي من نسج الدعاية العثمانيَّة ضدهم، والحال اليوم شبيهُ الحال في الماضي، فلا زلنا نسمع الأخبار الكثيرة من هنا وهناك أن إيران تعذب أهل السنة وترتكب المجازر في (الأهواز) وتسحلهم وتغتصب نساءهم، والحال أنَّ هذا كذب مفضوح تقف خلفه الدعاية المعادية للجمهورية الإسلامية، وكذلك كان التشويه والتحريض ضد الدولة الصفوية في ذلك الزمان بسبب عدائها للدولة العثمانيّة، ومع ذلك نقول: إن الدولة الصفوية ليست معصومة لننزهها عن كل خطأ، فما ثبت من جناية بالطرق الصحيحة الموثوقة فندينها ونبرأ إلى الله منها، ولكن لا بُدَّ من التثبت في نسبة المعصية إلى المؤمنين، فإنَّ الاتهام بلا دليل صحيح يعد من البُهتان المحرّم، والمتحدث في الفيديو قد قام بالكذب والافتراء والبهتان، نعوذ بالله من هوى الشيطان.
وعلى كلّ حال: فلو دقق في تاريخ سلاطين الصفويين وفق المناهج العلميّة، ربما يُظفر ببعض المخالفات الشرعية وهذا غير ممتنع، إلا أنَّه لا يوجد دليلٌ واحدٌ على أنَّهم شاركوا في تأليف كتب الجوامع الحديثية أو تدخلوا فيها، أو أجبروا عالماً على افتراء حديث على لسان الأئمة (عليهم السلام) أو استمالوا عالماً ليختلق حديثاً واحداً، وبعبارة مختصرة: لا يوجد دليل واحد على أنَّ الصفويين تورطوا في وضع الحديث على الإطلاق.
ومما تقدّم يتضح أن «صديقنا العزيز» ياسر عودة يعمل بنظام الفتوى السريعة، أي أنَّه يجيب على كل ما يعرض له من مقولات فيسبوكية وأحاديث واتسابية بدون أن يُراجع الكتب والمصادر، ولو بحث قليلاً لعلم أن الحديث لا مصدر له، ولاستغنى عن الكذب والافتراء على الصفويين، فإنّ الكذب والافتراء حرامٌ، ولو على كافرٍ ليس على ديننا، فكيف بالافتراء على المؤمنين الذين خدموا الإسلام خدماتٍ جليلةٍ؟
------------
المرفقات:
(1)مقطع الفيديو، وفي حال عدم ظهور المقطع للمتصفحين من خلال الهاتف النقّال، فيمكنهم الضغط هنا
تعليقات
إرسال تعليق