في سلامةٍ من ديني!

السيّد صلاح عبدالمهدي الحلو


تعال نتخيَّل أنَّ رجلاً ما،  وكان موثوقاً، صادق اللهجة، يعلم الغيب، لا يُخطيءُ في إخبارِه، وقال لك: أنَّك ستُقتَلُ نهاية هذا الأسبوع،
تُرى ما ستكون ردَّةُ فعلِك؟
ستسأله: من هو القاتل، وكيف أُقتل، وهل في الأمر بداء؟ ونحو ذلك.
ثم بعد مِضيِّ مدَّة ستقول: لعلَّ هذا الرجل يمزح، وتحاول الاتصال به عن طريق الهاتف، أو الذهاب إليه للبيت لتسأله: إن كان يمزح أم لا.
وحين تتيقن أنَّه لم يكن يمزح، وكان جادَّاً في كلامه، ستقول: إنَّ هذا الرجل يكذب، وهذا عرَّاف، ونحو ذلك.

في قصة إخبار النبيِّ - صلى الله عليه وآله - الإمام علياً عليه السلام استوقفني أمران:
الأول: أنَّه - عليه السلام - في الليلة التي ضُرِبَ فيها، قبل أن يخرج للمسجد كان يقول ما مضمونه: هذه الليلة التي وُعِدتُ بها، ما كُذِّبتُ ولا كذِبت.
فلم يشكّ في قول المعصوم - صلى الله عليه وآله - ولم يُكذِّبه، ولم يستهزئ به، كما يفعلُ كثيرٌ من النَّاس اليوم.

الثاني: وهو الأهم لم يسأل رسول الله - صلى الله عليه وآله - عن مواصفات قاتله، وقوَّة الضربة ونحو ذلك، كان السؤال الذي شغل بالَه سؤالاً واحداً فقط: يا رسول اللَّه وذلك في سلامةٍ من ديني؟
إلى هذه الدرجة كان هذا السؤال يشغل باله - عليه السلام - بحيث كان أول ما خرج على لسانه الشريف؟
هل رأيتم في كتب التاريخ أنَّه - عليه السلام - سأل سؤالاً آخر؟

وبشَّره - صلى الله عليه وآله - : في سلامةٍ من دينك.
لذلك حين ضُرِبَ - عليه السلام - قال: فزتُ وربِّ الكعبة، وذلك لأنَّه - عليه السلام - ختم حياته في سلامةٍ من دينه، وأيُّ دينٍ هو؟
إنَّه دينُ أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالبٍ - عليهما السلام -

ما أكثر النَّاس الذين يسترخصون دينهم، فيتَّبعون مفاهيم الانسانيَّة، والحضارة ونحوهما، ويبيعون عقيدتهم في سبيل إرضاء الآخر من المخالفين أو من غيرهم من أتباع الملل الأخرى.
أفلا يتساءلون فيما بينهم كلَّ يوم: ترى: هل لا يزال ديننا سليماً؟ أم كسرت هيكله الأهواء والمعتقدات؟
تعلَّم من ابن أبي طالبٍ - عليهما السلام - أن تسأل عن سلامة دينِك كلَّ يوم، حتى إذا أزِفَت ساعة المنون تقول بكلِّ ثقة: فزتُ وربِّ الكعبة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"... أعيادكم كأيامكم" أورد عن الأمير (ع)؟

معنى قوله (ع): كونوا أحرار

هل ورد أن "أبا صالح" كنيةٌ للمهدي عج؟