بَلْ كُلُّ آثَارِهِم بَاقِيَةْ.. الشَّيْخُ التَّبْرِيزِي نَمُوذَجًا

المهندس حسن علي الحجي


يَقُولُ أحَدُ خُطَبَاِء الجُمُعةِ فِي الأحسَاءِ: 
مَنْ حَاربَ مَنْ ضَلَّلَ مَنْ كَفَّر أينَ هِي آثارُهُم ؟
 لَم يَبقَى مِنْها إلاَّ الْقُبُور. [١] 

وَيَقولُ فِي مَعرِضِ حُزْنهِ عَلى تَغْيِيبِ الحَقَائِقِ: وَيُؤسِفُنِي أن يُعَمَّى عَلَى مُجْتَمَعِي وَأبْنَاءِ جِلْدَتِي وَشُرَكَائِي فِي مَذْهَبِي الْكَثِيرُ مِن الأمُورِ الوَاضِحَةِ البَسِيطَةِ، فَاللهُ تَعَالَى أعْطَانَا عُقُولاً، وَطَلبَ مِنَّا أنْ لا نُسَلِّمَ عُقُولَنَا لأحَدٍ، وَأنَا هُنَا أَطْلبُ مِن هَذَا الجَمْعِ المُبَارَكِ أنْ لا يُسَلِّمُوا عُقُولَهُم لأيٍّ كَان. عَلَيكُم أنْ تَقْرَأوا وَتَبْحَثُوا وتَسْتَعِينُوا بِأهْلِ الخِبْرَةِ، ولَكِنْ دُونَ تَسْلِيمِ العَقْلِ لِلآخَرِ.[٢]

وبِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ نَكْتُبُ بَعْضَ المُلَاحَظَاتِ وَالكَلِمَاتِ التِي نَعْمَلُ مِن خِلَالِهَا بِوصِيَّتِهِ فِي البَحْثِ وَالقِرَاءةِ دُونَ تَسْلِيمِ العُقُولِ لِلآخَرِ وَبَيَانِ بَعْضِ الأمُورِ الوَاضِحَةِ وَالبَسِيطَةِ التِي يُحَاوِلُ أنْ يُعَمِّيهَا عَن المجْتَمَعِ وأَبْنَاءِ الجِلْدَةِ  وَالشُّرَكَاءِ فِي المَذْهَبِ خُصُوصاً مُشَارَكَتُهُ فِي حَمْلَةِ التَّضْلِيلِ والمُحارَبَةِ وتَأيِيدِهِ لَهَا وَاِمْتِدَاح مَا صَدَرَ مِنْ فَتْوَى حَوْلَ ذَلِكَ.


معَ المرْجِعِيَةِ الأمِينَةِ : ﴿إِنَّما يَخشَى الله مِن عِبادِهِ العُلَماء﴾ [٣]

إنَّ الفُقَهَاءَ الكِرَامْ وَالعُلَمَاءَ الأعْلَامْ والمُجْتَهِدِين الأفْذَاذ كَانُوا عَلَى مَرِّ التَارِيخِ جُنُوداً عَلَى ثُغُورِ الإسْلَامِ وَحُصُونَاً عَالِيَةً وَقِلَاعَاً مُحَكمةً وَنُجُومَاً بِهَا يُسْتَدَّلُ وَمَلَاذاً إلَيْهَا يُرْكنُ وَأنْوَاراً بِهَا يُسْتَضَاءُ فِي حَلكاتِ الظَّلَامِ وَنَوَاهِبِ الأيَّامِ بِرِعَايَةِ المؤمِنِين وحِمَايَتِهِم مِن سِهَامِ الطَّيْشِ وَالغَدْرِ وَالشُبُهَاتِ وَالنَكَبَاتِ وَالعَوَزِ والحَاجَةِ وذَلِكَ بِمَا حَبَاهُمُ اللهُ مِنْ تَوْفِيقٍ وَكَتَبهُ لهم مِن رِزْقٍ وَأعْطَاهُمْ من فَضْلٍ لِحَمْلِهِم عُلُومَ أشْرَفِ الخَلْقِ وَقَادَةِ الأُمَمِ وسَادَةِ الأنَامِ  فَصَارَتْ إليهِمُ القِيَادَةُ وَالرِّئَاسَةُ دُونَ سَعْيِهِمْ إلَيْهَا أو انْكِبَابِهِمْ عَلَيْهَا والْتَفَّ حَولَهُمُ المُؤمِنُونَ فَصَارَتْ لَهُمْ المَرْكَزِّيةُ وَالحَفَاوَةُ بِقُلُوبٍ مُطْمَئِنَةٍ وَجُمُوعٍ مُتَلَهِّفَةٍ إِلى ألْطَافِهِمْ الَنَّوْرَانِيَّةِ وفِيُوضَاتِهِمُ العِرْفَانِيَةّ وبَرَكَاتِهِمْ الرَّحْمَانِيَةِ فَهُم وَصِيَّةُ أهْلِ البَيْتِ فِي هَذِه الأُمَّةِ بِاتِّبَاعِهِم يَأمَنُ الإنْسَانُ عَلَى دِينِهِ وَمِن حِيَاضِهِمْ يَسْتَقِي عُلُومَهُ وفِي سَاحَتِهِم يَعْرُجُ إلى المَرَاتِبِ العُلْيَا مَعَ أَهْلِ الخَيْرِ والصَّلَاحِ وَالنَّجَاةِ وَالفَلَاحِ يُغْدِقُونَ عَلَى أيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ باِلحُبِ والاهْتِمَامِ والعَطْفِ والاحْتِرَامِ حَفِظَ اللهُ البَاقِي مِنْهُمْ وَنَفَعَنَا بِعِلْمِهِ وَعَمَّنَا بِخَيْرِهِ وَ فَضْلِهِ وَرَحِمَ اللهُ المَاضِيَ وَأسْكَنَهُ فَسِيحَ الجِنَانِ فِي زُمْرَةِ الصَالِحِين وَأهْل الإيمَانِ.


معَ صَاحِبِ الدَّهَالِيزِ المُظْلِمَةِ : ﴿وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَو كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظّالِمونَ﴾ [٤]

لمْ تَنْفَكْ حَمْلَاتُ الهُجُومِ وَالتَّشْكِيكِ وَالطَّعْنِ وَالتَّسْقِيطِ مِنْ الزُّمْرَةِ الفَاسِدَةِ وَالشِّرْذِمَةِ المُفْسِدَةِ مُحَاوِلَةً النَّيْلَ مِنْ مَقَامِ الَمرَاجِعِ العِظَامِ وفَضِّ النَّاسِ عَنِ المَرْجِعِيَّةِ الرَّشِيدَةِ َ لإدْرَاكِهِم أنَّ ذَلك يَفْتَحُ الطَّرِيقَ أمَامَ مُخَطَّطَاتِهِم المَشْبُوهَةِ وَأطْمَاعِهِمُ الدَّنِيئَةِ لِتَحْقِيقِ مَا تَرْغَبُهُ النُّفُوسُ المُلَوَّثَةُ والقُلُوبُ الحَاقِدَةُ فِي صَدِّ المُؤمِنِينَ وَمَنْعِهِم مِن الارْتِبَاطِ بِمَصْدَرِ القُوَّةِ وَالعِزَّةِ وَالعِلْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالوِحْدَةِ وَالقِيَادَةِ تَحْتَ لِوَاءِ العِلْمِ وَالفَقَاهَةِ وَالوَلَاءِ لِمُحَمَّدٍ وَآلهِ الطَّاهِرِين وَالبَرَاءَةِ مِن أعْدَائِهِمْ وَظَالمِيهِم لِيَكُونَ لَهُمْ بِذَلِكَ مَنْفَذٌ وَعَلَى المؤمِنِينَ مُسْتَمْسَكٌ يَعِيثُونَ فِي الأرضِ فَسَادَهُم وَيَنْشُرُونَ فِِي السَّاحَةِ هُرَائَهُم مُعْتَمِدِينَ عَلَى الأوْهَامِ وَالأكَاذِيبِ وَمُتَّخِذِينَ مِن الأبَاطِيلِ والمُغَالَطَاتِ سِلَاحَاً يُمَارِسُونَ فِيهِ الغَيَّ وَ العُدْوَانَ وَالزُّورَ وَالبُهْتَانْ مُتَعَدِّينَ عَلَى حُرُمَاتِ الشَّرِيعَةِ وَمُتَخَطِّينَ حُدُودَ الآدَابِ وَالمُرُوَءةِ فَلَم يَقْبَلْ مِنْهُم إلاَّ مَنْ فِي مَنْهَجِهِ خَلَلٌ أو فِي قَلبِهِ مَرَضٌ أو لَهُ بِهِم شَبَهٌ فَشَرِبَ مِن مَشَارِبِ السُّوءِ وَسَلَكَ مَسَالِكَ الفُجُورِ. 

وعَلَى رَأسِهِم صَاحِبُ الجَولَةِ فِي دَهَالِيزَ مُظْلِمَةٍ  [٥] فَكَانَ رَمْزاً للِحِقْدِ الدَفِينِ وَالقَوْلِ المُنْكَرِ وَالفِعْلِ المُسْتَهْجَنِ لمِا اِحْتَوَتْهُ كِتَابَاتُهُ مِنْ سَرْدٍ لِلْخُزَعْبَلَاتِ وَالخُرَافَاتِ وَإطْلَاقٍ لِلاتِهَامَاتِ مِنْ الَعَمالَةِ وَالاخْتِرَاقِ الاسْتِخْبَارَاتِي والطَّعْنِ فِي الأَعْراضِ وَدَعْوَةِ إحْكَامِ الحَوَاشِي والأبْنَاءِ وَالأصْهَارِ وَتَلَاعُبِهِم بِالحُقُوقِ الشَرْعِيَةِ وَالمَوَارِدِ المَالِيَة.

وَلَا تَفُوتُنِي الإِشَارَةُ إِلَى مْاَ سَطَّرَهُ المرْحُومُ سَمَاحَةُ آيَةِ اللهِ الشَّيْخُ مُحَمَّد مَهْدِي الآصِفي عَنْ حِسٍ لَا عَنْ حَدْسٍ فِي سِلْسِلَةِ مَقَالَاتِهِ رَدًّا عَلَى هَذَا المُفْتَرِي تَحْتَ عُنْوَان المُؤَسَّسَةُ الدِّينِيَّةُ بَيْنَ الوَاقِعِ وَالاِفْتِرَاءِ [ ٦ ] حَيْثُ قَالَ: 

( وَإِنَّمَا أَكْتُبُ هَذَا المَقَالَ لِأَدْعُوَ شَبَابَنَا إِلَى الحَذَرِ مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ وَأَمْثَالِهَا وَهِيَ كَثِيرَةٌ لِئَلَّا تَتَلَوَّثَ عُقُولُهِمْ وَقُلُوبِهِمْ بِمَثَلِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَالقِصَصِ المُنْتَحَلَةِ عَلَى تَارِيخِنَا المُعَاصِر فِي الظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ الَّتِي تُوَاجِهُهَا أُمَّتُنَا وَالمُؤَسَّسَةُ الدِّينِيَّةُ اليَوْمَ.

ثُمَّ قَالَ: وَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ النِّسَبُ والإسَنَادَاتُ وَالأَخْبَارُ التَسقِيطيةُ لَا تَسْتَنِدُ إِلَى أَيِّ دَلِيلٍ وَبُرْهَانٍ وَإِنَّمَا يُطْلِقُهَا صَاحِبُهَا جُزافاً وَيُرْسِلُهَا كَمَا يُرْسِلُ النَّاسُ المُسْلِمَات.

إِنَّ الوَاجِبَ الشَّرْعِيَّ يُحَتِّمُ عَلَيْنَا أَنْ نُقَابِلَ هَذِهِ الإِشَاعَاتِ الَّتِي يُطْلِقُهَا نَاسٌ مِنْ أَمْثَالِ كَاتِبِ هَذِهِ الكُتُبِ بِالقُوَّةِ ونُحَذِّرُ الشَّبَابَ مِنْ أَنْ يَسْقُطُوا فِي شِرِكِ ذَلِك). [٧]

لذَلِكَ فَإِنَّ الدَّعْوَةَ إِلَى قِرَاءَةِ أَيِّ كِتَابٍ مَهْمَا كَانَ مُحْتَوَاهُ بِحُجَّةِ الاِطِّلَاعِ وَالمَعْرَفَةِ دُونَ الأَمْنِ مِنْ الزَّلَلِ وَالتَّسَلُّحِ بِالعِلْمِ مِمَّا دَعَا إِلَى تَجَنُّبِهِ المَراجِعُ العِظَامُ وَمِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ لَا الحَصْرَ: 

١- السَّيِّدُ الخُمَيني (رَحِمَهُ الله): يَحْرُمُ حِفْظُ كُتُبِ الضَّلَالِ، وَنَسَخهَا، وقِرَائَتُها، وَدَرْسُهَا وَتَدْرِيسُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي ذَلِكَ، كَأَنَّ يَكُونَ قَاصِدًا لِنَقْضِهَا وَإِبْطَالِهَا، وَكَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَمَأْمُونًا مِنْ الضَّلَالِ، وَأَمّا مُجَرَّدُ الاِطِّلَاعِ عَلَى مَطَالِبِهَا، فَلَيْسَ مِنْ الأَغْرَاضِ  الصَّحِيحَةِ  المُجَوِّزَة لِحِفْظِهَا  لَغَالَبِ  النَّاسِ، مِنْ العَوَامِّ الَّذِينَ يُخْشَى عَلَيْهِمْ الضَّلَالُ وَالزَّلَلُ، فَاللَّازِمُ عَلَى أَمْثَالِهمْ التَّجَنُّبُ عَنْ الكُتُبِ المُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُخَالِفُ عَقَائِدَ المُسْلِمِينَ، خُصُوصًا مَا اشْتَمَلَ مَنْهَا عَلَى شُبُهَاتٍ وَمُغَالَطَاتٍ، عَجِزُوا عَنْ حَلِّهَا وَدَفْعِها.[٨] 

٢- السَّيِّدُ السِيستَانيُ (حَفِظَهُ الله): يَحْرُمُ حِفْظُ كُتُبِ الضَّلَالِ وَنَشْرُهَا وَقِرَاءتِهَا وَبَيْعُهَا وَشِرَاؤهَا مَعَ اِحْتِمَالِ تَرتُّبِ الضَّلَال لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَلَوْ أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ، كَمَا يَجُوزُ إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ أَهَمُّ، وَالمَقْصُودُ بِكُتُبِ الضَّلَالِ مَا يَشْتَمِلُ عَلَى العَقَائِدِ وَ الآراءِ البَاطِلَةِ سَوَاءً كَانَتْ مُخَالِفَةٌ لِلدِّينِ أَوْ المَذْهَبِ.[٩]

والجَدِيرُ بِالذِّكْرِ تَبَادُلُ صَاحِبِ جَوْلَةٍ فِي دَهَاليْزَ مُظْلِمَةٍ وَصَاحِبُ السِّيرَةِ وَالمَسِيرَة الاِتِّهَامَات بِالكِذْبِ وَالتَّزْوِيرِ وَالتَّحْرِيفِ فَقَالَ الأَوَّلُ تَحْتَ عُنْوَان هَكَذَا يُسْدَلُ السِّتَارُ عَلَى الحَقَائِق: 

( زَارَنِي كَاتِبٌ لُبْنَانِي اسمُهُ أَحْمَد عَبْدالله أَبُو زَيْد قَبْلَ سَنَوَاتٍ فِي بَيْتِي بِحُجَّةِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَكْتُبَ تَأْرِيخًا وَافِيًا عَنْ مِحْنَةِ الشَّهِيدِ الإِمَامِ مُحَمَّد بَاقِر الصَّدْر). 
إِلَى أَنْ يَقُولَ : (بَعْدَ مُرُورِ أَشْهُرٍ أحْضرَ لِي كِتَابهُ وَهُوَ مَوْسُوعَةٌ مِنْ خَمْسِ مُجَلَّدَاتٍ وَبَعْدَ مُطَالَعَتِهَا تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ حَذَفَ مَقَاطعَ مُهِمَّةً مِنْ حَدِيثِي وَانْتهِيَتُ مِنْ مُطَالَعَةِ الكِتَابِ بِأَسَفٍ بَالِغٍ عَلَى تَضْلِيلِ النَّاسِ وَخَلْطِ الأَوْرَاقِ وَ تَغييبِ طَبِيعَةِ الحَدَثِ وَجَوْهَرهِ).[١٠]

فَرَدَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ أَبُو زَيْد العَامّلِي فِي مَقَالٍ لَهُ بِعُنْوَان ظُلْمُ الدَّهَاليزِ المُظْلِمَةِ ذَاكَرَاً جُمْلَةً مِنْ النُّقَاطِ مِنْهَا:

١- بَعْدَ زِيَارَتِي الأُولَى لَمْ تَطَأْ قَدَمَاي بَيْتَ السَّيِّدِ الكَشَمْيرِي إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: (أَحْضَرَ لِي كِتَابَهُ)؛ لِأَنَّ النُّسْخَةَ الَّتِي بِحَوْزَتِهِ لِي ليست مِنْ إِهْدَائِي؛ فَإِنَّ إِهْدَاءَاتِي كَانَتْ مَحْدُودَةً جِداً وَلَمْ تَشْمَلْهُ.

٢-  ـ لَقَدْ الْتَقَيْتُ بِالسَّيِّدِ الكشميري بَعْدَ صُدُورِ كِتَابِهِ (جَوْلَةٌ فِي دهاليز مُظْلِمَةٌ) فِي فُنْدُقِ (ألمبيك) فِي مَدِينَةِ قُمْ بِتَأْرِيخِ ١٥-٥-٢٠١٣م، وَعَذَلْتُهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ، وَسَأَلَتُهُ إِنْ كَانَ قَدْ قَرَأَ مَوْسُوعَتِي كُلَّهَا، فَأَجَابَ بِالنَّفْيِ، فَقُلْتُ لَهُ: (إِذَا كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، فَكَيْفَ حَكَمْتُمْ بِأَنَّنِي شَوَّهَتُ المَعْلُومَات) فَوَعَدَنِي بِأَنَّهُ سَيَقُومُ بِتَعْدِيلِ ذَلِكَ فِي الطَّبْعَةِ اللَّاحِقَةِ.[١١] 

فلَاحِظ أَيُّهَا القَارِئُ الكَرِيمُ وُجُودَ ثَلَاثِ كَذِباتٍ فِي صَفْحَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ وَالمَكْذُوبُ عَلَيْهِ حَيُّ يُرْزَقُ وَيُعْتَبرُ مِمَّنْ يَلْتَقِي مَعَهُ فِي بَعْضِ النِّقَاطِ:
١- لَمْ يَزُرْهُ مُجَدَّدًا وَلَمْ يَأْتِ إِلَى بَيْتِهِ.
٢ - ادَّعى إِحْضَارَ الكِتَابِ وَلَمْ يُحْضِرْهُ وَلَمْ يُهْدِهُ حَتَّى، بَلْ تَمَّ إِهْدَائُهُ مِنْ قِبَلِ شَخْصٍ آخَرَ.
٣ - ادَّعِى مُطَالَعَتَهُ لِلأَجْزَاءِ الخَمْسَةِ وَالاِنْتِهَاءَِ مِنْهَا ثُمَّ انْكَرَ ذَلِكَ حِينَ الْتَقَى بِالمُؤَلِّفِ فِي أَحَدِ الفَنَادِق.

مِثْلُ هَذَا هُوَ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ البَعْضَ وَيَسْتَقِي مِنْهُ الأَخْبَارَ الكَاذِبَةِِ وَالأَفْكَارَ المُنْحَرِفَةِ مِنْ دُونِِ وَرَعٍ وَلَا تَقْوَى فِي تَشْوِيهٍِ وَتَحْرِيفٍ لِدَوْرِ هَذِهِ المُؤَسَّسَةِ العَظِيمَةِ وَتَضْيِيعٌ لِمَعَالِمِهَا وَتَشْكِيكٌ فِي رُمُوزِهَا وَأَعْلَامِهَا.


 معَ قُطْبِ رحى الفِقْهِ فِي الحَوْزَةِ القُمِّية : ﴿فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ﴾.[١٢]

ومِِنْ هَؤُلاءِ الْعُلَمَاءِ الأعْلَامِ والفُقَهَاءِ العِظَامِ قُطْبُ رَحَى الفِقْهِ فِي الحَوزَةِ القُمِّيَةِ والمتَرَبِّعِ عَلَى كُرْسي بَحْثِهَا الخَارِجِ [١٣] الُملَقَّبِ بِالميرْزَا [١٤] مِن قِبَلِ أُسْتَاذِهِ سَيِّدِ الطَّائِفَةِ وَ صَاحِبِ الفَضْلِ بَعْدَ اللهِ عَلَى الحَوْزَاتِ والمُجْتَهِدِين وسَائِرِ المُؤْمِنينَ السَّيِّدُ الخُوئِي [١٥] إذْ وَجَدَ فِيهِ نُبُوغَاً مَلْحُوظَاً وهِمَّةً عَالِيَةً وَدِقَةً مُتَنَاهِيَةً فَأوْلاهُ عِنَايَتَهُ ُورِعَايَتَهُ وَضَمَّهُ لِجَلْسَةِ الاسْتِفْتَاءِ حَتَى غَدَا مَرْجِعَاً ضَلِيعَاً وأُسْتَاذًا قَدِيراً وَمُرَبِّياً حَانِيَاً يَلْتَّفُ حَولَ دَرْسِهِ العُلَمَاءُ ويَسْتَقِي من نَبْعِهِ الفَُضلَاءُ قَاضِيَاً عُمْرَهُ المَدِيد وَسَنَواتهِ المُبَارَكَةِ فِي نَشْرِ العُلُومِ الدِّينِيةِ وتَأسِيسِ القَاعِدَةِ للمُجْتَهِدِين البَارِعِين والطُّلَابِ المُتَمَيِّزِين الذِّينَ وَاصَلُوا المسِيرَةَ المُبَارَكَةَ كَالسَّيدِ مُنِير الخَبَّاز والشَّيخ مُحَمَّد السَّنَد والشَّيْخ حَسَن الجَوَاهِرِي والشَّيخُ مُحَمَدٍ تَقِي الشَهِيدِي والكَثِير مِن العُلَمَاءِ والفُقَهَاءِ والفُضَلَاءِ والمُحَصِّلِين.

وقَد أثْرَى مَن نَرْجُو مِنْ الِله أن يَكُونَ لَنَا شَفِيعاً المَكْتَبَةَ الشِّيعِيَةَ بِمَجْمُوعَةٍ ثَمِينَةٍ وَمَوسُوعَةٍ قَيِّمَةٍ مِن الكُتبِ التَّخَصُصِيَةِ والبُحُوثِ والتَقْرِيرَاتِ حَتَى بَلَغَتْ دَوْرَتُه الفِقْهيَّةُ والأُصُولِيَةُ والرِّجَالِيةُ لمَا يَرْبُو عَن الخَمْسَةِ وَثَلاثِينَ مُجَلَّداً نَاهِيكَ عَنْ الشَّعَائِرِ وَالأخْلاقِ والعَقَائِدِ والمَسَائِلِ والأجوبَةِ بمُخْتَلَفِ مَجَالاتِهَا.[١٦]

وكَانَ رَحِمَهُ اللهُ  يَعِيشُ هَمَّ الأمَّةِ والمُجْتَمَعِ ويَسْعَى إلى خِدْمَتِهِم بِكُلِّ مَا يَعُودُ عَلَيهِمْ بِالنَّفْعِ والفَائِدَةِ فَكَانَ صَاحِبَ مُبَادَرَاتٍ قَيِّمَةٍ وَأعْمَالٍ خَيْرِيةٍ تَنُمُّ عَن نَظْرَتِهِ الثَاقِبَةِ وحِسِّهِ الوَاعِي وشُعُورِهِ المتَفَاعِلِ مَعَ مَن حَوْلَهُ بِتَأسِيسِهِ للحَوْزَاتِ والمَكْتَبَاتِ كَحَوزَةِ الإمَامِ الجَوادِ فِي سُورِيَّا وَمَكْتَبتِهِ فِي النَجَفِ الأشْرَفِ وإنْشَائِهِ المَرَاكِزَ العِلْمِيَةِ والثَقَافِيَةِ كَمَرْكَزِ الصِدِّيقَةِ الشَهِيدَةِ فِي قُمٍ ولُبْنَانَ والمُسْتَشْفَيَات والمَرَاكِزَ الصِحِّيَةَ فِي قُم وعلامردشت شِيرَازَ وإجَازَتِهِ صَرْفَ الحُقُوقِ الشَّرْعِيَةِ للمَنْكُوبِينَ والمُحْتَاجِينَ فِي الكَوَرِاثِ الطَّبِيعِيَةِ وغَيرِهَا فِي إيرَانَ ولُبْنَانَ وأفْغَانِسْتَانَ وساَئِر البُلْدَانِ.[١٧] 

لقَد عُرِفَ رَحِمَهُ اللهُ بِاِهْتِمَامِهِ البَالِغِ والشَّدِيدِ بِإحْيَاءِ الشَّعَائِرِ الحُسَينِيةِ والدِّفَاعِ عَن حَرِيمِ الوَلايَةِ فَتَوَقَّدَتْ فِي نُفُوسِ المؤمِنِينَ حَرَارَةٌ لمصَابِ أهْلِ البَيْتِ ع وشَجَاعَةٌ للتَّصَدِي لِلأفْكَارِ الدَّخِيلَةِ والأقْوَالِ المنْحَرِفَةِ.

يَقُولُ سَمَاحَةُ آيةِ الله السَّيد مُنير الخبَّاز: فَإنَّ مِنْ بَرَكَاتِ الجُهُودِ الوَلائِيَةِ التِّي قَامَ بِهَا العَلَمَانِ العَظِيمَانِ: فَقِيهُ عَصْرِهِ الشَّيْخُ التَّبْرِيزِي «قده»، وَزَعِيمُ الحَوْزَةِ العِلْمِيَّةِ الشَّيْخُ الوَحِيدُ الخُرَاسَانِيُ «دَامَ ظِلُّه الوَارِفُ»؛ أَنْ أصْبَحَ يَومُ ذِكْرَى شَهَادَةِ الإمَامِ الصَادِقِ ع  فِي إيرَان صُورَةً مِنْ صُوَرِ يَومِ عاَشُورَاءَ، فِي شَعَائِرِهِ، ومَوَاكِبِهِ. [١٨] 

و يقول كذلك : ولِذَلِكَ  جَرَتْ  سِيرَةُ مَرَاجِعِنَا العِظَام عَلَى إحْيَاءِ  الشَّعَائِرِ وإبْرَازِهَا ومِنْهُم شَيْخُنَا الفَقِيهُ المُقَدَّسُ الشَّيْخُ التَّبْرِيزِي «ره» الذِي دَعَمَ إقَامَةَ الشَّعَائِرِ وأصَّرَ عَلَى إحْيَائِهَا بِكُلِ حَرَارَةٍ وَإخْلَاصٍ وتَصَدَّى لِنَفْي الشُّبَهِ بِمَتَانَةٍ عِلْمِيةٍ رَصِينَةٍ ونَحْنُ نَرَى أنَّ مَسْؤُولِّيَتَنَا العَقَائِدِيَة أن نَسِيرَ عَلَى دَرْبِ هَؤُلاءِ الفُحُولِ مِن عُلَماَئِناْ الأبْرَارَ «قدهم» وخُصُوصَاً  شَيْخَنَا الأسْتاَذُ التَبْرِيزِي «قده» الذِي نَسْتَقِي مِن َبحْرِ فوَائِدِهِ ونَتَعلَّقُ بطِيبِ أَنْفَاسِه الولائِيةِ القُدْسِية. [١٩]َ

فإنْ كَانَ قَوْلُهُ أنّ مَْن ضَلَّلَ لَمْ يَبْقَ مِن آثَارِهِمْ إلا القُبُورِ نَابِعاً مِن عَدَمِ الاطِّلَاعِ  عَلَى تُرَاثِ هَذَا العَلَمِ فَذَلِكَ مَنْهِيٌ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:  وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ ﴿وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا﴾. [٢٤]
وإن كَانَ نَابِعَاً مِن شَيْءٍ آخَرَ كَالجُحُودِ وَالإنْكَارِ وَالعِنَادِ والمُكابَرَةِ وإثَارَةِ  الفِتْنَةِ والبَلْبَلَةِِ وَإشْغَالِ السَّاحَةِ والمُجْتَمَعِ فُكُلُّ دَعْوَانَا أنْ يَغْفِرَ الله لَهُ زَلَّتَهُ ويُقِيلَ عَثْرَتَهُ ويُعِينَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَهْدِيهِ لمَا فِيهِ الخَيْرُ ٌوَالصَّلَاحُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلهِ الطَّيِبِينَ الطَّاهِرِينَ صَلَوَاتُ اللهِ وسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِين.

معَ الأَمانَةِ العِلْمِيَّة للخَطِيب: 

وأمَّا إثَارَةُ الضَّوضَاءِ مِن قِبَلِ أحَدِ خُطَبَاء ِالجُمُعَةِ فِي الأحْسَاءِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وحِينٍ وتغْذِيَتُه للفِتْنَةِ والفَوضَى وبَذْلُ جُهْدِهِ لِصِنَاعَةِ الشِّقَاقِ والانْقِسَامِ بِالطُّرُقِ الملتَوِيَة ِوالمغَالَطَاتِ المفْضُوحَةِ فَبَيَانُها مُتَيَسِّرٌ لِعَامَّةِ الشَّبَابِ ونَقْدُهَا مُتَاحٌ لمِنْ يَمْلِك أدْنَى دَرَجَاتِ البَحْثِ والاطِّلَاعِ  ولَكِن تَجْدُرُ الإشَارَةُ إلَى لُزُومِ مُتَابَعَتِهِ الدَقِيقَة وَذَلِكَ لِفُقْدَانِهِ الأمَانَةَ العِلمِيَةَ وأدْنَى دَرَجَاتِ الاحْتِرَافِ والمَهَنِيةِ فَمُحَاضَرَاتُه المَرْئِيَّةُ المنْشُورَةُ تَخْتَلِفُ فِي بَعْضِ مُفْرَدَاتِهَا عَنْ المُفَرَغَةِ نَصِّيَاً فِي مَوقِعِهِ اِختِلَافَاً يُضِرُّ بِالمَعْنَى وَيَحْرِفُ القَصْدَ ويُغَيِّرُ الفِكْرَة َوعَلَى سَبِيلِ المِثاَلِ لا الحَصْر: 

١- يَقُولُ فِي مَقْطعِ الفِيدِيو: 
مَا ضَرَّنَي إذَا تَفَرَّقَ مَن تَفَرَّق. [٢٠]

و فِي التَفْرِيغِ النَصِّي:
و لا يَضرنِي أن يَتَفَرَّقَ عَنِّي مَن تَفَرَّقَ. [٢١]

 الأُولى: التَفَرُّقُ عَائِدٌ لِلنَاسِ بَعْضَهُم البَعْضُ.
الثانية: التَفَرُّقُ عَائِدٌ لِمَن يَفْتَرِقُ عَنِ المُتَحَدِّث .

٢- يَقُولُ فِي مَقْطعِ الفِيدِيو: 
مَنْ حَارَبَ مَنْ ضَلَّلَ مَنْ كَفَّرَ أيْنَ آثارُهُم لَمْ يَبْقى مِنَها إلاَّ القُبُور. [٢٢]

و فِي التَفْرِيغِ النَصِّي:
 مَنْ حَارَبَ مَنْ ضَلَّلَ مَنْ كَفَّرَ لَمْ يَبْقَ مِن آثارِهِم شَيءٌ مِن أمَثالِ ذلك. [٢٣]

الأوُلى: نفي مطلق لبقاء أي أثر سوى القبور
الثَّانِية: نَفْيٌ لِبَقاءِ آثارٍ فِي جانِبٍ مُعيَّنٍ يُماثِلُ ما ذَكَرَهُ المُتَحَدِّثُ سابِقاً.


 تأْيِيدُ الخَطِيبِ فَتْوَى التَّضْلِيلِ  وامْتِدَاح مَوْقِف الشَّيْخِ التَّبْرِيزِي :

تجْدُرُ الإشَارَةُ أن المتَاجَرَةَ بِقَضِيَّةِ البَعْضِ هِي دَأُبهُ الدَؤوبُ لِكَي يَقْتَاتَ عَلَى مَا يَسْتَطِيعُ مِن خِلَالِهِ تَمْرِيرَ أجِِنْدَتِهِ وبُلُوغَ مُنْيَتِهِ فَي التَشْنِيعِ عَلى مَن يُخَالِفُهُ بَعْدَ أن كَانَ لَه تَصْرِيحٌ يُؤيِدُ فِيهِ فَتْوَى التَضْلِيلِ ويَمْتَدِحُ مَوْقِفَ الشَّيخِ التَّبْرِيزِي جَاءَ فِيهِ: 

( وكَم كُنْتُ أتَمَنَّى أن يَمْتَدَّ بِهِ العُمْرُ لِيُعَمِّرَ جَوَانِبَ كَثِيرَةً مِن وَاقِعِنَا غَيرَ أن لِلبِدَايَةِ نِهَايَةً لابُدَّ مِنْهَا, لِذَلِكَ كَانَتْ السَّمَاءُ عَلَى مَوعِدٍ مَعَهُ بَعْدَ مَرَضٍ عُضَالٍ ألَمَّ بِهِ لِتَقُولَ  قَوْلتَهَا فِي عَام 1427هـ  لِتَكُونَ بِذَلِكَ قَد اسْتُقْطِعَتْ مِن الكَونِ إحْدَى لَبِنَاتِهِ الطَّيِبَةِِ. مُخَلِّفَاً وَرَاءَهُ فَراغاً عِلْمِياً وحُضُورِياً يُضْرَبُ لَهُ ألْفُ حِسَابٍ وحِسَابٍ.

وَإذَا كاَنَت الأمُورُ تَأخُذُنَا إلَى هَذَا الجَانِبِ وصَوْبَ هَذَا الإتِجَاهِ فإَنِي أجِدُ نَفْسِي مُلْزَماً فِي الإشَارَةِ إلَى وَاحِدَةٍ مِن إشْرَاقَاتِهِ والتِي مَعَ شَدِيدِ الأسَفِ تَمَّتْ المُزَايَدَة ُعَلَيْهَا بَعِيداً عَن حُدُودِ المُرَادِ ولَو خُلِّيَتْ وطَبِيعَتهَا لَكَانَتْ أَكْثَرَ أثَراً وأمْضَى وَقْعَاً.

إنَّهَا الوَقْفَة ُالعَقَيدِيةِ التِي كَانَ لَهُ فِيهَا الفَتْوَى المَعْرُوفَة وَالتِي لَو كاَنَتْ وَحِيدَةً لَكَانَ لَهَا بَالِغُ الأثَر، غَيرَ أن الذَّهَابَ بِهَا بَعِيداً حَدَّدَ مِن مُعْطَيَاتِهَا وقَلَّلَ مِن أهَمِّيَتِهَا حَيْثُ أن الفَتْوَى وَكُلُّ فَتْوَى بِطِبِيعَتِهَا هِي التِي تَشُقُّ طَرِيقَهَا دُونَ حَاجَةٍ إلَى عَبَثِيَةِ المُتَطَفِلِين عَلَيْهَا.

لِذَلِك كَانَ الصَاِدقَ فِي فَتْوَاه والقَوِيَّ فِي مَوْقِفِهِ دُونَ أدْنَى مُجَامَلَةٍ غَيْرَ أن المَأْسُوفَ لَهُ أنْ تَجِدَ مَن يَجْعَلُ مِن الفَتْوَى فَوْقَ مَا هُوَ المُرَادُ ويُسَافِرُ بِهَا إلَى أبْعَدِ المَدياتِ غَيْرَ ضَارِبٍ لِحِسَابٍ أصْعَبَ مِمَا يَتَوَقَّع). [٢٤]

كَمَا أنَّ لَهُ قَصِيدَةً أُلقِيَتْ فِي تَأبِينِ الشَيخِ التَبْرِيزِي  رَحِمَهُ اللهُ  [٢٥] يَمْتَدِحُ فِيهَا المُضَلِّلَ وَفَتْوَى التَّضْلِيلِ فِي مَوقِفٍ يَكْشِفُ عن النَّفْعِيةِ وَ الوُصُولِيَّةِ والازْدِواجِيةِ فِي التَعَامُلِ مَعَ المَوَاقِفِ جَاءَ مِن ضِمْنِ أَبْيَاتِهَا: 

لـــكـــل زمــــــان رجــــــالٌ كـــبــــارٌ .. وزيــن الـرجـال «الـجــواد»  الأغر
أضـــاء الـطـريــق لأهــــل الــرشــاد .. وشـخــص أمـــراً خــفــى واسـتـتــر
فـلــولا «الـجــواد» لـســارت فـلــولٌ .. وهُـــــدَّ الـبــنــاء وعــــــمَّ الــخــطــر 
تـصــدى لـمــن حـركـتــه الـنـفــوس .. فـــــراح يــغــربــل كـــيـــد الـــدهـــر 
عـرفـنـاك تـحـنــو عــلــى الطـيـبـيـن .. وكـنــت شـديــداً عـلــى مـــن غــــدر 
تـعـيـد الــفــروع لأصــــل الأصــــول .. وتـلـغــي دخــيــلاً طــغــى وانـتـشــر
أصــولـــك بــحـــرٌ يــمـــدّ الـبــحــور .. وفـقــهــك نــهـــجٌ لـــكـــل الــبــشــر

١- اسْتُقْطِعَتْ مِن الكَونِ إحْدَى لَبِنَاتِهِ الطَّيِبَةِِ.
٢- مُخَلِّفَاً وَرَاءَهُ فَراغاً عِلْمِياً وحُضُورِياً.
٣- وَاحِدَةٍ مِن اشْرَاقَاتِهِ ... 
إنَّهَا الوَقْفَة ُالعَقَيدِية
٤- كَانَ لَهُ فِيهَا الفَتْوَى المَعْرُوفَة.
٥- الصَاِدقَ فِي فَتْوَاه والقَوِيَّ فِي مَوْقِفِه.
٦- شَخَّصَ أمْراً خَفى و اسْتَتَر.
٧- تَصَدَّى لِمَنْ حَرَّكَتْهُ النُّفُوس.
٨- رَاح يُغَرْبِلُ كَيْدَ الدَّهر.
٩- كُنْتَ شَدِيد على مَنْ غَدَر.
١٠- تُلْغِي دَخِيلاً خَفَى و انْتَشَر.

كُلُّ هَذا جَاءَ في تْأييدِ هذهِ الفْتوى وامْتِداحِها مُشارِكاً فِي فتْوى التَّضْلِيلِ والمُحارَبَةِ بِمَقالاتِه وشِعرِه إلاَّ إذا خَرَجَ على المِنْبَرِ ليَدَّعِيَ إنْكارَهُ وجُحُودَ قَصْدِهِ للشَّيخِ التَّبرِيزِي وإنَّما يعْنِي بِكلامِه السَّيدَ الخُمَيْنِي وفتْوى سُلَيمانْ رُشْدي مُعِيدا المَشْهَدَ التَّمثِيلي الذَّي مارَس فيهِ العِنادَ والمُكابَرةَ حينَ انْكرَ قَصْدَهُ للشيخ الوحَيد!.

الخَاتِمَة : 

إنَّ لِكُلِّ عَالِمٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الأبْرَارِ صَفَحَةً مُشْرِقَةً فِي التَّارِيخِ تُسْتَقَى مِنْهَا اَلدُّرُوسُ وَتُؤْخَذُ مِنْهَا العِبَرُ والشَّرَفُ البَالِغُ  والفَوْزُ العَظِيمُ لمِن كَانَ لَهُم خَادِمَاً وعَلَى طَرِيقِهِم سَائِراً فَهُم المَحْفُوفُونَ بِبَرَكَاتِ أهْلِ البَيتِ عَلَيْهِم السَلَام ومَا الحُب والتَّقْدِيرُ والإكْبَارُ والتَّبْجِيلُ والتَّقْدِيسُ وَالتَعّْظِيمِ والسَّمْعُ والطَّاعَةُ لَهُم والارْتِبَاطُ بِهِم وَالرُّكُونَ إلَيهِم إلا اِمْتِثَالاً لأوامِرِ أهْلِ البَيْتِ عَلَيْهِمْ السَلَام ووَصَايَاهُم رَاجِياً الله أنْ يُوَفِّقَ الجَمِيعَ لِلِطَّاعَةِ واِجْتِنَابِ المَعْصِيَةِ وَيُفِيضَ بِالرَّحْمَِة وقَبَولِ التَّوْبَةِ. 

وصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلهِ الطَّيِبِينَ الطَّاهِرِينَ واللَّعْنُ عَلَى أعْدَائِهِم وَمُؤذِيهِمْ إلَى قِيامِ يَومِ الدِين.


-----------------------
[١] خطبة العلم و الإيمان أساس الكمال الإنساني ١٣
[٢] خطبة العلم و الإيمان أساس الكمال الإنساني ١٢
[٣] فاطر: ٢٨
[٤]  الأنعام: ٢١
[٥] السيد محمد حسن الكشميري
[٦] راجع مجموعة المقالات  في الرابط:
‏http://www.kitabat.info/author.php?id=2230
[٧] المؤسسة الدينية بين الواقع و الإفتراء ج ١
[٨] تحرير الوسيلة ج ١ ص ٤١١ مسألة رقم ١٥
[٩] منهاج الصالحين ج ٢  المقدمة مسألة رقم ٣٦
[١٠] جولة في دهاليز مظلمة ص ٦٤
[١١] مقال منشور بتاريخ 08/Jan/2016
[١٢] التوبة: ١٢٢
[١٣] منبر المسجد الأعظم في قم المقدسة
[١٤] و هو لقب يعني كثير العلم في عرف الترك
[١٥] سيرة الشيخ ص ٣٨ إصدار دار الصديقة الشهيدة
[١٦] للإستفادة راجع http://ar.tabrizi.org
[١٧] سيرة الشيخ ص ١١١
[١٨] بيان ذكرى شهادة الإمام الصادق بتاريخ 23/08/2015
‏http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=413&hl=التبريزي
[١٩] جواب حول عقيدتنا في أهل البيت ع بتاريخ
‏26/Nov/2010
‏http://www.almoneer.org/index.php?act=artc&id=46&hl=التبريزي
[٢٠] الخطبة المرئية بعنوان الإنتماء للدين و الفكر و الوطن في الدقيقة 38:16
‏https://m.youtube.com/watch?v=mxS0AAnjN44
[٢١] الخطبة المفرغة نصيا بعنوان الإنتماء للدين و الفكر و الوطن
‏http://www.j-hussain.com/Article/1994/نص-خطبة:الانتماء-للدين-والفكر-والوطن
[٢٢]خطبة العلم و الإيمان أساس الكمال الإنساني ١٣ https://m.youtube.com/watch?v=1daoh1Dn83Y
‏[٢٣] http://www.j-hussain.com/Article/2113/نص-خطبة:العلم-والإيمان-أساس-الكمال-(13)
[٢٤] من مقال له تحت قسم ترجمة الأعلام
‏http://www.j-hussain.org/Article/618/-المرجع-الديني-آية-الله-العظمى
[٢٥] قصيدة بعنوان مرثية الوداع
[٢٦]  الإسراء: ٣٦

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

"... أعيادكم كأيامكم" أورد عن الأمير (ع)؟

معنى قوله (ع): كونوا أحرار

هل ورد أن "أبا صالح" كنيةٌ للمهدي عج؟